نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 222
الأعظم (ص) ... فلا شك أنها كانت فترة شرائع تفصيلية، نزلت بها التوراة و الانجيل عن اللّه عز و جل. و لكنها كانت شرائع تربوية لأجل الوصول و الاعداد إلى فهم البشرية للأطروحة الكاملة، و لم تكن ممثلة لتلك الأطروحة نفسها.
و يمكن الاستدلال على ذلك بثلاثة أدلة:
الدليل الأول:
أننا كمسلمين، نعلم بأن التشريعات السابقة على الاسلام ليست هي الأطروحة الكاملة، جزما. لأن معنى الإيمان بالإسلام، هو كونه ناسخا للشرائع السابقة عليه و ملغيا لأحكامها عن مسئولية البشر. فلو كانت إحدى تلك الشرائع هي الأطروحة الكاملة المأمولة، لوجب إبقاءها سارية المفعول إلى حين اليوم الموعود، لكي يتربى الناس على تقبلها و التضحية في سبيلها، على ما سوف نعرف بالنسبة إلى الأطروحة الكاملة. فلو نسخت تلك الشريعة المفروضة لكان ذلك مخالفا للغرض الالهي المطلوب، فيكون مستحيلا. و لكنها نسخت فعلا، كما نعتقد نحن المسلمين بالبرهان، إذن فتلك الشرائع المنسوخة ليست هي تلك الأطروحة العادلة الكاملة المأمولة.
الدليل الثاني:
أنه لا دليل على أن تلك الشرائع كاملة شاملة لكل جوانب المجتمع، بحيث تصلح لاستيعاب البشرية بالعدل الكامل. و لعل أوضح دليل على ذلك القول المشهور عن المسيح (عليه السلام): دع ما للّه للّه و ما لقيصر لقيصر. فإن إيكال ما لقيصر و هو الحاكم الدنيوي لكي يمارس فيه سلطته و حكمه، يعني أن الشريعة المسيحية لم تكن لتستوعب الجانب القضائي و الجنائي و الاقتصادي للحياة و نحو ذلك. مما يضطر المسيح إلى التصريح بلزوم إيكال ذلك إلى القانون الدنيوي الوضعي السائد، لئلا تتشتت أمور الناس و تتميع مصالحهم.
و هذا الدليل خاص بالمسيحيين و ملزم لهم باعتبار اعتقادهم صحة نقل هذه العبارة عن المسيح، بعد أن وردت في الانجيل الموجود في اليد [1] الذي هو