responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 2  صفحه : 221

و أما المسيح عيسى بن مريم (عليه السلام)، فحسبنا شاهدا على حال أمته، أن الحواريين و هم طلابه و خاصته واجهوه بهذا الكلام: «يا عيسى بن مريم، هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء» تشكيك صريح في قدرة اللّه تعالى.

و من ثم أجابهم: قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قالُوا: نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ‌ [1]. إذن فهم لم يطمئنوا به بعد، و لم يعلموا بصدقه. فإذا كان هذا هو مستوى خاصته و طلابه، فكيف حال سائر أفراد الأمة و المجتمع.

إذن، فلم يكن يوجد في الناس على طول التاريخ، ذلك المستوى العظيم من الاخلاص الذي يمكن به بناء العدل المطلق في اليوم الموعود، و إذا كان هذا الشرط غير متوفر، فما ذا ترى الأنبياء صانعين، حين يجدون أممهم على هذا المستوى المنخفض من الاخلاص؟.

كيف و قد عرفنا فيما سبق، أن هذا الشرط غير متوفر إلى حد الآن، و أن البشرية لا زالت في طريق التربية، لكي يتوفر في ربوعها في يوم من الأيام.

و أما بالنسبة إلى الشرط الآخر و هو علم الأمة أو البشرية بالأطروحة العادلة الكاملة المأمول تطبيقها في اليوم الموعود ... فمن الواضح أن تلك الأطروحة لم تكن ناجزة، و لم يكن البشر على مستوى فهمها على الاطلاق. و يمكن أن يتم بيان ذلك، باستعراض فترات التاريخ اجمالا أيضا.

أما الأنبياء السابقين على موسى بن عمران (عليه السلام)، فلم يكن هدفهم إلا ترسيخ العقيدة الالهية، و توضيحها بالتدريج، من دون أن يكون لهم تعاليم تشريعية كثيرة. حتى تكللت تلك الجهود بجهود إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي أوضح عقيدة التوحيد بشكل مبرهن و صحيح. إذن فلم يكن هناك تشريع مهم فضلا عن افتراض وجود الأطروحة العادلة الكاملة التي تتكفل التشريع لكل جوانب المجتمع.

و أما الفترة التي تبدأ بموسى بن عمران (عليه السلام) و تنتهي ببعثة الرسول‌


[1] نفس السورة: 112- 113.

نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد    جلد : 2  صفحه : 221
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست