نام کتاب : تاريخ الغيبة نویسنده : الصدر، السيد محمد جلد : 2 صفحه : 159
و ضاقت عليهم مساكنهم، فإن العساكر نزلوا فيها، و غلبوهم على أقواتهم و ارتكبوا فيها كل محذور [1].
و أما قلة الأرزاق و غلاء الأسعار، فحدث عنها و لا حرج ... إذ نسمع التاريخ يخبرنا أنه قد كثر الغلاء و تعذرت الأقوات و غيرها من كل شيء، و أكل الناس الميتة، و لحقهم وباء عظيم، فكثر الموتى بغير غسل و لا تكفين، فبيع رطل اللحم بقيراط و أربع دجاجات بدينار. و سفرجلة بدينار و رمانة بدينار، و كل شيء كذلك [2].
و بقي هذا الغلاء عدة سنوات، بل استمر في التصاعد ... ففي عام 449 زاد الغلاء ببغداد و العراق ... و أكل الناس الميتة و الكلاب و غيرها، و كثر الوباء حتى عجز الناس عن دفن الموتى، فكانوا يجعلون الجماعة في الحفيرة [3].
أما الخليفة في بغداد، فكان يعيش جوا آخر بعيدا عن الغلاء و الوباء. فقد أكرم طغرل بك إكراما عظيما و مكنه من بلاده تمكينا أسبغ عليه صفة الشرعية، حين قال له: إن أمير المؤمنين شاكر لسعيك حامد لفعلك مستأنس بقربك. و قد ولاك جميع ما ولاه اللّه من بلاده ورد عليك مراعاة عباده، فاتق اللّه فيما ولاك و اعرف نعمته عليك في ذلك و اجتهد في نشر العدل و كف الظلم و إصلاح الرعية.
فقبل الأرض، بين يدي الخليفة. و أمر الخليفة بإفاضة الخلع عليه. فقام إلى موضع لبسها فيه و عاد و قبل يد الخليفة و وضعها على عينيه و خاطبه الخليفة بملك المشرق و المغرب، و أعطي العهد و خرج.
و أرسل إلى الخليفة خدمة كثيرة منها خمسين ألف دينار و خمسين مملوكا أتراك من أجود ما يكون و معهم خيولهم و سلاحهم إلى غير ذلك من الثياب و غيرها [4] فانظر إلى ترف الحكام و بؤس المحكومين، و تسامح الخليفة بدماء المسلمين و أموالهم حين ولى عليهم هذا الظالم العنيد.