و قد قعد مجلسا كان أول مجلس قعده، فكان أول ما تغنى به من الغناء في ذلك المجلس، ان تغنت شاريه جاريه ابراهيم بن المهدى:
ما درى الحاملون يوم استقلوا* * * نعشه للثواء أم للفناء
فليقل فيك باكياتك ما شئن* * * صباحا و وقت كل مساء
قال: فبكى و الله و بكينا حتى شغلنا البكاء عن جميع ما كنا فيه، ثم اندفع بعض المغنيين فغنى:
ودع هريرة ان الركب مرتحل* * * و هل تطيق وداعا ايها الرجل!
قال: فازداد و الله في البكاء، و قال: ما سمعت كاليوم قط تعزيه باب و نعى نفس، ثم ارفض ذلك المجلس.
و ذكر عن عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع ان على بن الجهم قال في الواثق بعد ان ولى الخلافه:
قد فاز ذو الدنيا و ذو الدين* * * بدولة الواثق هارون
افاض من عدل و من نائل* * * ما احسن الدنيا مع الدين!
قد عم بالإحسان في فضله* * * فالناس في خفض و في لين
ما اكثر الداعي له بالبقا* * * و اكثر التالي بامين
و قال على بن الجهم أيضا فيه:
وثقت بالملك الواثق* * * بالله النفوس
ملك يشقى به المال* * * و لا يشقى الجليس
انس السيف به و استوحش* * * العلق النفيس
اسد تضحك عن* * * شداته الحرب العبوس
يا بنى العباس يأبى الله الا ان تسوسوا