نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 15 صفحه : 729
و قالَ المصنِّفُ في البَصَائِر تِبْعاً للرَّاغبِ و غيرِهِ: الفَرْق بينَ الإنْزالِ و التَّنْزيلِ في وَصْف القُرْآن و المَلائِكَة أَنَّ التَّنْزِيلَ يَخْتص بالمَوْضِعِ الذي يشيرُ إلى إنْزالِه مُتَفرّقاً مُنَجّماً [1] و مرَّةً بعْدَ أُخْرَى، و الإنْزالُ عامٌّ و قوْلُه تعالَى: لَوْ لاََ نُزِّلَتْ سُورَةٌ[2] ؛ و قَوْله تعالَى: فَإِذََا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ[3] ، فإنَّما ذَكَرَ في الأوَّل نُزّلَ ، و في الثاني: أَنْزَلَ تَنْبِيهاً أَنَّ المُنافِقِيْن يَقْترحُون أَنْ ينزلَ شيءٌ فشيءٌ مِن الحثِّ على القِتَالِ ليَتَوَلّوه، و إذا أُمِرُوا بذلِكَ دَفْعَةً واحِدَةً تَحاشُوا عنه فلم يَفْعَلُوه، فهم يَقْتَرحُون الكَثِيرَ و لا يَفُون منه بالقَلِيلِ؛ و قَوْلُه تعالَى: إِنََّا أَنْزَلْنََاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ[4] إنَّما خَصَّ لَفْظ الإِنْزالِ دُوْن التَّنْزيلِ لمَا 16- رُوِي أَنَّ القُرْآن أُنْزِلَ دَفْعة واحِدَة إلى السَّماءِ الدُّنْيا، ثم نَزَلَ مُنجماً بحَسَبِ المَصالِحِ. ثم إنَّ إنْزالَ الشيءِ قد يكونُ بنفْسِه كقَوْله تعالَى: وَ أَنْزَلْنََا مِنَ اَلسَّمََاءِ مََاءً*[5] ، و قد يكونُ بإنْزَالِ أَسْبابِه و الهِدَايَة إليه؛ و منه قَوْلُه تعالَى: وَ أَنْزَلْنَا اَلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ[6] ؛ و قوْله تعالَى: أَنْزَلْنََا عَلَيْكُمْ لِبََاساً يُوََارِي سَوْآتِكُمْ[7] و شاهِدُ الاسْتِنْزالِ قَوْلُه تعالَى: و اسْتَنْزلُوهم [8] من صَياصِيهم.
ثم الذي في المُحْكَم: أَنَّ نزلَه و أَنْزَلَه و تَنَزَّلَه بمعْنًى واحِدٍ، و المصنِّفُ لم يذْكُرْ تَنَزَّلَه و ذَكَرَ عِوَضَه اسْتَنْزَلَه ، فتأَمَّل.
و تَنَزَّلَ : نَزَلَ في مُهْلَةٍ ، و كأَنَّه رَامَ به الفَرْق بَيْنه و بينَ أَنْزَلَ ، فهو مِثْل نَزَلَ ، و منه قَوْلُه تعالَى: تَنَزَّلُ اَلْمَلاََئِكَةُ وَ اَلرُّوحُ[9] ، و قَوْلُه تعالَى: وَ مََا نَتَنَزَّلُ إِلاََّ بِأَمْرِ رَبِّكَ[10] ؛ و قالَ الشاعِرُ:
و النَّزُلُ ، بضمَّتَينِ: المَنْزِلُ ، عن الزَّجَّاجِ، و بذلِكَ فسرَ قَوْله تعالَى: أَعْتَدْنََا جَهَنَّمَ لِلْكََافِرِينَ نُزُلاً[12] .
و النُّزُلُ أَيْضاً: ما هُيِّىءَ للضَّيْفِ ، و في الصِّحاحِ:
للنَّزِيلِ ، أَن يَنْزِلَ عليه ، و في المحْكَمِ إذا نَزِلَ عليه، كالنُّزْلِ ، بالضمِ، ج أَنْزالٌ . و قالَ الزَّجَّاجُ: معْنَى قَوْلهم أَقَمْت لهم نُزُلَهم أَي أَقَمْت لهم غِذاءَهم و ما يصلُحُ معه أَنْ يَنْزِلوا عليه. و 16- في الحَدِيْث :
«اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك نُزْلَ الشُّهَداء» .
قالَ ابنُ الأثيرِ: النُّزُلُ في الأَصْلِ قِرَى الضَّيْف و تُضَمُّ زايهُ، يُريدُ ما للشُّهَداء عنْدَ اللَّهِ مِن الأَجْرِ و الثَّوابِ؛ و منه 16- حَدِيْث الدُّعاءِ للمَيتِ : «و أَكْرم نُزُله » .
و النُّزُلُ أَيْضاً: الطّعامُ و الرّزْقُ، و به فسِّرَ قَوْلُه تعالَى:
و النُّزُلُ : البَرَكَةُ، يقالُ: طَعامٌ ذُو النُّزُلِ أَي ذُو البَرَكَةِ كالنَّزيلِ ، كأَميرٍ، و هذه عن ابنِ الأعْرَابي يقالُ: طَعامٌ ذُو نُزُلٍ و نزيلٍ أَي مُبَاركٌ.
و مِن المجازِ: النُّزلُ الفَضْلُ و العَطاءُ و البَرَكةُ. يقالُ:
رجُلُ ذُو نَزَلٍ أَي كَثيرُ النفل [14] و العَطاءِ و البَرَكةِ.
و قالَ الأخْفَش: النُّزُلُ القَومُ النَّازِلونَ بعضُهم على بعضٍ، يقالُ: ما وَجَدْنا عنْدَكم نُزُلاً.
و النُّزُلُ أَيْضاً: ريعٍ ما يُزْرَعُ و زَكاؤُه و نَماؤُه و بركتُه كالنُّزْلِ ، بالضمِ و بالتَّحْرِيكِ ، و الجَمْعُ أَنْزالٌ كما في المُحْكَمِ، و اقْتَصَرَ ثَعْلَب على التّحْريكِ في الفَصِيحِ، و قالَ لَبيدٌ:
و لَنْ تَعْدَمُوا في الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً # و ذَا نَزَلٍ عندَ الرَّزِيَّةِ باذِلا [15]
[8] بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: و استنزلوهم كذا بخطه و هو سبق قلم إذ ليس لفظ الآية هكذا و إنما هو مثال ذكره في الأساس، و لفظ الآية: وَ أَنْزَلَ اَلَّذِينَ ظََاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتََابِ مِنْ صَيََاصِيهِمْ » الأحزاب الآية 26.