نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 12 صفحه : 474
و في الارْتِشافِ: كَيْفَ : يكونُ اسْتِفْهاماً، و هي لتَعْمِيم الأَحْوالِ، و إذا تَعَلَّقَت بجمْلَتَيْنِ، فقالُوا: يكونُ للمُجازاةِ من حَيْثُ المَعْنَى لا مِنْ حَيْثُ العَمَل، و قَصُرت عن أَدَواتِ الشَّرْطِ بكَوْنِها لا يَكُونُ الفِعلانِ مَعَها إِلا مُتَّفِقَيْنِ نحو: كيفَ تَجْلِسُ أَجلِسُ.
وَ قالَ شَيْخُنا: كَيْفَ : إِنما تُسْتَعْمَلُ شَرْطاً عند الكُوفِيِّينَ، وَ لم يَذْكُرُوا لها مِثالاً، و اشْتَرَطُوا لها-مع ما ذَكَر المُصنِّفُ-أَن يَقْتَرِنَ بها «ما» فيُقالُ: كَيْفَما ، و أَمّا مُجَرَّدةً فلم يَقُل أَحَدٌ بشَرْطِيَّتِها، و من قالَ بشَرْطِيَّتِها-و هم الكُوفِيُّون-يَجْزِمُونَ بها، كما في مَبادِئ العَرَبِيَّةِ، ففي كلامِ المُصَنِّفِ نَظَرٌ من وَجُوهٍ.
قلتُ: و هذا الَّذِي أَشارَ له شَيْخُنا فقد ذَكَرَه الجوهريُّ حيثُ قالَ: و إذا ضَمَمْتَ إِليه «ما» صَحَّ أَن يُجازَى به تَقُولُ:
كَيْفَما تَفْعَلْ أَفْعَلْ.
وَ قالَ ابنُ بَرِّيّ: لا يُجازَى بكَيْفَ ، و لا بِكَيْفَما عندَ البَصْرِيِّينَ، و مِنَ الكُوفِيِّينَ من يُجازِي بكَيْفَما ، فتأَمَّلْ هذا مع كلامِ شَيْخِنا.
وَ قال سِيبَوَيْه[1] : إنَ كَيْفَ : ظَرْفٌ. وَ عن السِّيرافيّ، و الأَخْفَش: لا يَجُوزُ ذََلِك أي، أَنَّها اسمٌ غيرُ ظَرْفٍ.
وَ رَتَّبُوا على هذا الخِلافِ أُمورًا:
أَحدُها: أنَّ موضِعَها عندَ سِيبَوَيْهِ نَصْبٌ[دائماً] [2] ، وَ عندَهُما رَفْعٌ مع المُبْتَدإِ، نَصْبٌ مع غيرِه.
الثاني: أنَّ تَقْدِيرَها عندَ سِيبَوَيْهِ في أيِّ حالٍ، أو عَلَى أيِّ حالٍ، و عِنْدَهُما تَقْدِيرُها في نحو: كَيْفَ زَيْدٌ؟ أَصَحِيحٌ، و نحوُه، و في نحو: كَيْفَ جاءَ زَيْدٌ؟راكِباً جاءَ زَيْدٌ، و نَحْوه.
الثالث: أنَّ الجَوابَ المُطابِقَ عندَ سِيبَوَيْهِ: على خَيْرٍ، وَ نَحْوه [3] ، و عندَهُما: صَحِيحٌ، أو سَقِيمٌ، و نحوه. و قال ابنُ مالِكٍ: صَدَقَ الأَخْفَشُ و السِّيرافيُّ، لم يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ كَيْفَ ظَرْفٌ؛ إِذ لَيْسَ زَمانًا و لا مَكانًا، نَعَم لمّا كانَ يُفَسَّرُ بقَوْلِكَ: على أيِّ حالٍ-لكَوْنِه سُؤالاً عن الأَحْوالِ العَامَّةِ- سُمِّيَ ظَرْفاً لأَنَّها في تَأْوِيلِ الجارِّ و المَجْرُورِ، وَ اسمُ الظَّرفِ يُطْلَقُ عَلَيْهما [4]مَجازاً. وَ في الارتِشافِ: سِيبَوَيْه يَقُول: يُجازَى بكَيْفَ ، و الخَلِيلُ يَقُول: الجَزاءُ بِهِ مُسْتَكْرَهٌ، و قال الزَّجّاجُ: و كُلُّ ما أَخْبَر اللََّه تَعالَى عن نَفْسِه بلَفْظِ كيفَ ، فهو اسْتِخبارٌ على طَرِيقِ التّنْبِيهِ للمُخاطَبِ، أو تَوْبِيخٌ، كما تَقَدَّمَ في الآيةِ.
قال ابنُ مالِكٍ: و لا تَكُونُ عاطِفَةً، كما زَعَمَ بعضُهم [5]
[3] ثمة سقط في العبارة اضطرب معه المعنى، و تمامها من المغني: «و نحوه، وَ لهذا قال رؤبة، و قد قيل له: كيف أصبحت؟خير عافاك اللََّه، أي على خير، فحذف الجار و أبقى عمله، فإن أجيب على المعنى دون اللفظ قيل صحيح أو سقيم. و عندهما على العكس، و قال ابن مالك....