و الجرْعَةُ ، مُثَلَّثَةً، من الماءِ: حَسْوَةٌ مِنْهُ، أَوْ هو بالضَّمِّ، و الفَتْح: الاسْمُ مِن جَرِعَ الماءَ يَجْرَعُ جَرْعاً ، كسَمِعَ وَ مَنَعَ، الأَخِيرَةُ لُغَةٌ، و أَنْكَرَهَا الأَصْمَعِيُّ، كما في الصّحاح، أَيْ بَلِعَهُ.و الجُرْعَةُ ، بالضَّمِّ: ما اجْتَرَعْتَ و في اللّسَانِ: قِيلَ:
الجَرْعَةُ ، بالفَتْحِ، المَرَّةُ الوَاحِدَةُ. و بالضَّمّ: ما اجْتَرَعْتَهُ ، الأَخِيرَةُ للمُهْلَةِ، على ما أَراهُ سِيبَوَيْه في هََذا النَّحْو، و الجُرْعَةُ : مِلْءُ سِيبَوَيْه في هََذا النَّحْو، و الجُرْعَةُ : مِلْءُ الفَمِ يَبْتَلِعُهُ. و جَمْعُ الجُرْعَةِ جُرَعٌ . و 16- في حَدِيثِ المِقْدَادِ : «ما به حَاجَةٌ إلى هََذِه الجُرْعَةِ » . قالَ ابنُ الأَثِيرِ: تُرْوَى بالفَتْحِ و الضَّمِّ، فالفَتْحُ: المَرَّةُ الوَاحِدَةُ منه، و الضَّمُّ: الاسْمُ مِن الشُّرْبِ اليَسِيرِ، و هو أَشْبَهُ بالحَدِيثِ، و يُرْوَى بالزَّايِ، كَمَا سَيَأْتِي.
و بِتَصْغِيرِهَا جَاءَ المَثَلُ «أَفْلَتَ فُلانٌ جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ» مِن غَيْرِ حَرْفٍ، « أَوْ بجُرَيْعَةِ الذَّقَنِ، أَوْ بِجُرَيْعَائِهَا » قال الصّاغَانِيّ: أَفْلَتَ هُنَا لازِمٌ، و نَصَبَ جُرَيْعَةَ عَلَى الحَالِ، كَأَنَّهُ قالَ: أَفْلَتَ قاذفاً جُرَيْعَةَ الذَّقَنِ، و هي كِنَايَةٌ عَمّا بَقِيَ مِن رُوحِه، أَيْ نَفْسُهُ صَارَتْ في فِيه، و قَريباً مِنْهُ، قُرْبَ الجُرْعَةِ مِن الذَّقَنِ. و في اللِّسَان: أَي و قُرْبُ المَوْتِ مِنْهُ كقُرْبِ الجُرَيْعَةِ من الذَّقَنِ. و اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ علَى الرِّوَايَةِ الثّانِيَةِ، و قالَ: إذا أَشْرف علَى التَّلَفِ ثُمَّ نَجَا. قال الفَرّاءُ:
هو آخِرُ ما يَخْرُجُ مِنَ النَّفْسِ، انْتَهَى. زادَ في اللِّسَانِ:
يُرِيدُونَ أَنَّ نَفْسَهُ صارَت في فِيهِ، فَكَادَ يَهْلِكُ، فَأَفْلَتَ و تَخَلَّصَ. و في رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ: أَفْلَتَنِي جُرَيْعَةَ الَّذَّقَنِ. قالالصّاغَانِيّ: و أَفْلَتَ-علَى هََذِهِ الرِّوَايَةِ-يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّياً، و مَعْنَاهُ: خَلَّصَنِي و نَجّانِي، و يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لازِماً، و مَعْنَاه تَخَلَّصَ و نَجَا مِنِّي، و أَرادَ بأَفْلَتَنِي أَفْلَتَ مِنّي، فحَذَفَ وَ وَصَلَ الفِعْلَ، كقَوْلِ امْرِىءِ القَيْسِ:
و أَفْلَتَهُنَّ عِلْبَاءٌ جَرِيضاً # و لَوْ أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطابُ
أَرادَ أَفْلَتَ مِنَ الخَيْل. و جَرِيضاً حالٌ من عِلْبَاء. و تَصْغِيرُ جُرَيْعَة [تَصْغِيرُ]تَحْقِير و تَقْلِيل، و أَضافَها إلَى الذَّقَنِ لأَنَّ حَرَكَةَ الذَّقَنِ تَدُلُّ عَلَى قُرْبِ زُهُوقِ الرُّوحِ، و التَّقْدِيرُ أَفْلَتَنِي مُشْرِفاً عَلَى الهَلاَكِ، و يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُرَيْعَة بَدَلاً مِنَ الضَّمِيرِ في أَفْلَتَنِي، أَيْ أَفْلَتَ جُرَيْعَة ذَقَنِي، أَي باقِي رُوحِي، و تَكُونُ الأَلِفُ و الّلاّمُ في الذَّقَنِ بَدَلاً مِن الإضَافَةِ، كقَوْلِه تَعَالَى: وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ اَلْهَوىََ[2] ، أَيْ عَنْ هَوَاهَا، و مَنْ رَوَى: بجُرَيْعَةِ الذَّقَنِ فمَعْنَاهُ خَلّصَنِي مَعَ جُرَيْعَةِ الذَّقَنِ، كَما يُقَالُ: اشْتَرَى الدّارَ بآلاتِهَا، أَيْ مَعَ آلاَتِهَا، و قَدْ تَقَدَّمَ شَيْءُ من ذََلِكَ في «ج ر ض» و في «ف ل ت» .
و ناقَةٌ مُجْرِعٌ ، كمُحْسِنٍ: لَيْس فِيهَا ما يُرْوِي، و إنَّمَا فِيهَا جُرَعٌ ، ج: مَجارِيعُ ، نَقَلَهُ ابْنُ عَبّادٍ، و أَنْشَد:
و لا مَجارِيعَ غَدَاةَ الخِمْسِ
و قال الجَوْهَرِيّ: نُوقٌ مَجَارِيعُ : قَلِيلاتُ اللَّبَنِ، كأَنَّهُ لَيْسَ فِي ضُرُوعِهَا إلاَّ جُرَعٌ ، فلَمْ يَذْكُرِ المُفْرَدَ، و زادَ في اللِّسَانِ:
و نُوقٌ مَجَارِعُ كذََلِكَ.
و اجْتَرَعَهُ : بَلَعَهُ، كجَرَعَهُ ، و قِيلَ: جَرَعَهُ بمَرَّةٍ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيّ.
و قالَ ابنُ عَبَّادٍ: اجْتَرَع العُودَ، أَي اكْتَسَرَهُ[3] ، لُغَةٌ في اجْتَزَعَهُ.
و مِنَ المَجَازِ: جَرَّعَهُ الغُصَصَ، أَيْ غُصَصَ الغَيْظِ، كما في الصّحاح، تَجْرِيعاً فَتَجَرّع هو، أَي كَظَمَ.