نام کتاب : تاج العروس من جواهر القاموس نویسنده : المرتضى الزبيدي جلد : 1 صفحه : 60
باعتبار عَقْرِ الدنّ، لشدّة ما فيها، قال: و اختاره ابنُ فارس في كتابه الذي أَلفه في فقه اللغة و العربية.
و نقل الجلال عن الكَيّا فِي تعليقه في الأُصول: الأَلفاظ التي لمعنى واحد تنقسم إِلى أَلفاظ مترادفة، و أَلفاظ متواردة.
فالمترادفة كما يُسمَّى الخمْر عُقاراً و صَهْبَاء و قهوة، و السبع لَيْثاً و أَسداً و ضِرْغاماً.
و المتواردة هي التي يقام لفظُ مُقام لفظٍ، لمعان متقاربةٍ.
يجمعها معنى واحد، كما يقال: أَصلَح الفاسد، و لَمَّ الشَّعَث، و رتَقَ الفَتْقَ، و شَعب الصَّدْعَ، انتهى.
قال: و هذا تقسيم غريب، و قد أَلَّف فيه القاضي مجد الدين الشيرازي كتاباً و سماه «الرَّوْضُ المسلُوف فيما له اسمان إِلى الأُلوف».
و أَما المعرّب
فهو ما استعملته العرب من الأَلفاظ الموضوعة لمعانٍ في غير لغتها، قال الجوهري في الصحاح: تعريب الاسم الأَعجمي أَن تتفوّه به العربُ على مِنْهَاجِها، تقول: عرّبته العرب و أَعْربته. و أَما لُغات العجم في القرآن 17- فرُوي عن ابن عباسٍ و عطاء و مُجاهدٍ و عِكْرمة أَنهم قالوا فِي أَحرف كثيرة إِنها بلغات العجم. و قال أَهل العربية: إِن القرآن ليس فيه من كَلاَم العجم شيء، لقوله تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا*[1]
و قولِه: بِلِسََانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ[2] : قال أَبو عبيدة و الصواب عندي مذهبٌ فيه تصديقُ القولينِ جميعاً، و ذلك أَن هذه الحروف أُصولُها أَعجمية، كما قال الفقهاءُ، إِلاّ أَنَّها سقطت إِلى العرب فأَعربتها بأَلسنتها، و حوّلتها عن أَلفاظ العجم إِلى أَلفاظها، ثم نزل القرآن و قد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إِنها عربية فهو صادق، و من قال عَجَميّة فهو صادق، اهـ.
و قد أَلف فيه الإِمام أَبو منصور الجَواليقي و غيره.
ثم ذكر الجلال فائدة نصها: سُئل بعض العلماء عما عرّبته العرب من اللغات و استعملته في كلامها: هل يُعطىحُكْمَ كلامِها فيشتق و يشتق منه؟فأجاب بما نصه: ما عرَّبته العرب من اللغات و استعملته في كلامها، من فارسيّ و روميّ و حبشيّ و غيره، و أَدخلته في كلامها، على ضربين.
أَحدهما أَسماء الأَجناس كالفِرِند و الإِبْرَيْسَم و اللّجام و الآجُر و الباذِقِ و القِسْطاس و الإِستبرق.
و الثاني ما كان في تلك اللغات علَماً فأَجروه على عَلمِيّته كما كان، لكنهم غيَّرُوا لفظه، و قرَّبوه من أَلفاظهم، و ربما أَلحقوه بأَبْنِيَتِهم، و ربما لم يُلْحِقُوه، و يشاركه الضَّرْبُ الأَوّل في هذا الحكم لا في العلمية، إِلا أَنه يُنْقَل كما يُنْقَل العربيّ، و هذا الثاني هو المعتَدّ كما يُنْقَل بعجمته في منع الصرف، بخلاف الأَوّل، و ذلك كإِبراهيم و إِسماعيل، و إِسحاق و يعقوب و جميع الأَنبياء إِلا ما استُثْنِيَ منها من العربيّ كهودٍ و صالح و محمد صَلَّى اللََّهُ عَلَيهِ وَ سَلَّم، و غير الأَنبياء كَبيرُوز و تكِين و رُسْتم و هُرْمز، و كأَسماء البلدان التي هي غير عربية، كإِصْطَخر و مرْوُ و بَلْخ و سَمَرْقَنْد و قنْدهار و خُراسان و كِرْمان و كوركان و غير ذلك.
فما كان من الضرب الأَوّل فأَشرف أَحواله أَن يُجْرى عليهِ حُكْمُ العربيّ فلا يُتَجاوزُ به حُكمُه.
فقول السائل: يشتقُّ.
جوابُه المنْعُ، لأَنه لا يخلو أَن يُشتقّ من لفظٍ عربيٍ أَو عجميّ مثله، و محال أَن يُشتَقَّ العجميّ من العربيّ أَو العربيّ منه، لأَن اللغات لا تُشتقّ الواحدة منها من الأُخرى، مُواضَعةً كانت في الأَصل أَو إِلهاماً، و إِنما يُشتقّ في اللغة الواحدة بعضِها من بعض، لأَن الاشتقاق نِتاجٌ و تَوْلِيد، و محال أَنْ تَلِد المرأَة إِلا إِنساناً، و قد قال أَبو بكر محمد بن السريّ في رسالته في الاشتقاق و هي أَهم ما وضع في هذا الفنّ من علوم اللسان: و من اشتق العجمي المعرّب من العربي كان كمن ادّعى أَن الطير من الحوت.
و قول السائل: و يشتق منه.
فقد لعمري يُجْرَى على هذا الضرب المُجْرَى مُجْرَى العربي كثيرٌ من الأَحكام الجارية على العربي، من تصرّف فيه، و اشتقاق منه، ثم أَورد أَمثلة كاللجام و أَنه معرب من لغام، و قد جُمع على لُجُم ككُتب، و صُغِّر على لُجَيْم،