قال سِيبَوَيْه: قَالُوا: المَأْدَبَة ، كما قالوا: المَدْعَاةُ، و قيلَ:
المَأْدَبَةُ من الأَدَب ، 16- و في الحديث عن ابن مسعودٍ «إِنَّ هََذَا القُرْآنَ مَأْدَبَةُ اللّهِ فِي الأَرْضِ فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدَبَتِهِ ». يَعْني مَدْعَاتَه، قال أَبُو عُبَيْدٍ، يُقَالُ: مَأْدُبَةٌ و مَأْدَبَةٌ ، فمَنْ قال مَأْدُبَةٌ أَرَادَ بِه الصَّنِيعَ يَصْنَعُهُ الرَّجُلُ [1] فَيَدْعُو إِليه النَّاسَ، شَبَّهَ القُرْآنَ بصَنِيعٍ صَنَعَه اللّهُ للنَّاسِ، لهم فيه خَيْرٌ وَ مَنَافِعُ، ثم دَعَاهم إِليه. و مَنْ قَالَ مَأْدَبَةٌ جَعَلَه مَفْعَلَةً من الأَدَب [2] ، و كَان الأَحْمَرُ يَجْعَلُهَا لُغَتَيْنِ مَأْدُبَة و مَأْدَبَة بمَعْنىً وَاحِدٍ، و قال أَبو زيد: آدَبْتُ أُودِبُ إِيدَاباً ، و أَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً ، و الْمَأْدُبَةُ للطعام، فرّق بينها و بين المَأْدَبَة للأَدَب .
و آدَبَ البلاَدَ يُؤدِبُ إِيدَاباً : مَلأَهَاقِسْطاً و عَدْلاً، و آدَبَ القَوْمَ إِلى طَعَامِه يُؤْدِبُهُمْ إِيدَاباً ، و أَدَبَ : عَمِلَ مَأْدَبَةً .
و الأَدْبُ ، بالفَتْح، العَجَبُ، مُحَرَّكَةً، قال مَنْظُورُ بنُ حَبَّةَ الأَسِديُّ يَصِفُ نَاقته:
الأُزْبِيُّ: السُّرْعَةُ و النَّشَاطُ، قال ابن المُكَرَّمِ: وَ رَأَيْتُ في حاشِيَةٍ في بَعْضِ نُسَخ الصَّحَاح: المَعْرُوفُ « الإِدْب »بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وُجِدَ ذلك بخَطِّ أَبِي زَكَريَّا في نُسْخَته، قال:
و كذلك أَوردَه ابنُ فارس في المُجْمَلِ [4] ، و عن الأَصمعيّ جَاءَ فُلاَنٌ بِأَمْر أَدْبٍ ، مَجُزُوم الدَّالِ، أَي بأَمْرٍ عَجيبٍ، و أَنشد:
سَمعْت من صَلاَصلِ الأَشْكَالِ # أَدْباً علَى لَبَّاتهَا الحَوَالِي
قُلْتُ: و هذا ثَمَرَةُ قولِه: بالفَتْحِ إِشَارَة إِلى المُخْتَارِ منالقولينِ عنده، و غَفَلَ عنه شيخُنا فاسْتَدْرَكَهُ على المُصَنِّف، و قال: إِلاّ أَنْ يكونَ ذَكَره تَأْكيداً، و دَفْعاً لما اشْتَهَرَ أَنه بالتَّحْرِيكِ، و ليس كذلك أَيضاً، بَلْ هو في مقابلةِ ما اشتهر أَنه بالكَسْرِ، كما عرفت، كالأُدْبَة بالضَّمّ.و الأَدْبُ ، بفَتْحٍ فسُكُونٍ أَيضاً مَصْدَرُ أَدَبَهُ يَأْدِبُهُ ، بالكَسْر إِذا دَعَاهُ إِلى طَعَامهِ، و الآدِبُ : الدَّاعِي إِلى الطَّعَام، قال طَرَفَةُ:
و أَدَبِيٌّ كعَرَبِيّو غلط من ضَبَطَهُ مَقْصُوراً، قال في المَرَاصِدِ: جبَلٌقُرْبَ عُوَارِضٍ، و قيل: في ديار طيّىء حِذَاءَ عُوَارِض، و أَنشد في «المعجم»للشمّاخ:
كَأَنَّها و قَدْ بَدَا عُوَارِضُ # و أَدَبِيٌّ في السَّرَابِ غَامِضُ
و اللَّيْلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رَابِضُ # بجِيزَةِ الوَادِي قَطاً نَوَاهِضُ
و قَالَ نَصْرٌ: أَدَبِيٌّ جَبَلٌ حِذَاءَ عُوَارِضٍ و هُوَ جَبَلٌ أَسْوَدُ في دِيَارِ طَيِّىءٍ و نَاحِيَةِ دَارِ فَزَارَة.