دليل حجية كل منهما بعدم الآخر من غير أن يسقط أصل الخطاب، و بهذا يرتفع محذور التزاحم [1].
و أورد عليه بعض المعاصرين (رحمه اللّه)[2] على ما في تقريرات بحثه بأنّ هذا التزام بخطابين يكون كل منهما مترتبا على عدم امتثال الآخر و ليس هذا إلّا الالتزام بالترتبين فضلا عن الالتزام بترتب واحد، و الحال أنّ الشيخ ممّن ينكر إمكان الترتب و يلتزم بسقوط الأمر بالمهم [3].
هذا خلاصة ما أفاده المعاصر المزبور ردا على الشيخ (رحمه اللّه).
و لكنك بعد التأمل في كلام الشيخ (رحمه اللّه) تعرف عدم ورود هذا الإشكال على كلامه؛ فإنّ مراد الشيخ أنّه بعد الالتزام بالسببية و وجود المصلحة في نفس العمل بالخبرين المتعارضين يرجع التعارض بينهما إلى التزاحم
[1]. فرائد الاصول 2: 445 (في التعادل و التراجيح، المقام الأوّل: في المتكافئين)، و هذا نصه: «و لكن، لمّا كان امتثال التكليف [بالعمل بكل] منهما كسائر التكاليف الشرعية و العرفية مشروطا بالقدرة، و المفروض أنّ كلا منهما مقدور في حال ترك الآخر و غير مقدور مع إيجاد الآخر، فكل منهما مع ترك الآخر مقدور يحرم تركه و يتعيّن فعله. و مع إيجاد الآخر يجوز تركه و لا يعاقب عليه. فوجوب الأخذ بأحدهما نتيجة أدلة وجوب الامتثال [و العمل] بكل منهما بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة.
و هذا ممّا يحكم به بديهة العقل. كما في كل واجبين اجتمعا على المكلف، و لا مانع من تعيين كل منهما على المكلف بمقتضى دليله إلّا تعيين الآخر عليه كذلك».
[2]. يقصد به المحقق النائيني (رحمه اللّه) في فوائد الاصول 1: 338- 339، و أجود التقريرات 1:
287.
[3]. انظر إنكاره للترتب في مطارح الأنظار: 57 و ما بعدها (في مباحث مقدمة الواجب، الهداية التي تكلم فيها عن صحة اشتراط الوجوب عقلا بفعل محرم مقدم عليه و عدمها).