استقلالا سواء كان عارضا عليه بتبع عروض الواسطة كعوارض النوع بالنسبة الى الجنس أم لم يكن عارضا عليه حقيقة بل كان عارضا على ما يعرض عليه اعني الواسطة كالحركة العارضة على السفينة بالنسبة الى الجالس فيها فانها تنسب اليه بالعناية و يصح سلبها عنه فهو موافق للمشهور.
ثم إن بعض الأعاظم (قدس سره) عرف العرض الذاتي بما يقرب من التعريف الأول فقال: (العرض الذاتي هو ما يعرض الشيء بلا واسطة في العروض و ان كان بواسطة في الثبوت و العرض الغريب هو ما يعرض الشيء بواسطة فى العروض و فسر الواسطة في العروض و الثبوت بأن العرض إن احتاج في عروضه على الشيء الى واسطة ليست محتاجة فى عروضها عليه الى غيرها فالواسطة المزبورة واسطة في الثبوت و العرض العارض بتوسطها على الشيء عرض ذاتي له كالتعجب العارض على الانسان بواسطة إدراكه الكليات و إن احتاجت الواسطة الى غيرها في عروضها على الشيء فالواسطة المحتاجة واسطة فى العروض و العرض العارض على الشيء بتوسطها عرض غريب بالنسبة الى ذلك الشيء كالضحك العارض على الانسان بتوسط التعجب المحتاج في عروضه على الانسان الى أمر آخر و هو إدراك الكليات كما ذكرنا) انتهى: و لا يخفي ما فيه من مواقع النظر (أما اولا) فلأن الواسطة في الثبوت هو ما يقع في صراط ثبوت الشيء فى الخارج سواء كان مقتضيا أم شرطا و هو امر ذاتي لا يتغير عما هو عليه بالتعدد فقد يكون للشيء الواحد واسطتان في الثبوت أو اكثر فكما أن الواسطة الاولى التي يترتب عليها الشيء في الخارج تكون واسطة في الثبوت كذلك واسطة الواسطة الاولى تكون واسطة في الثبوت بالنسبة اليها و الى ذلك الشيء (و اما ثانيا) فلأنه إذا اصطلح على الواسطة الثانية من وسائط الثبوت و سماها واسطة فى العروض فلا يلزم من ذلك أن يكون العرض العارض على الشيء بتوسطها عرضا غريبا بل هو عرض ذاتي له فى نظر أهل الفن اتفاقا (فاتضح) بما ذكرنا أن الميزان فى كون العرض ذاتيا للشيء أو غريبا عنه هو أن العرض إن كان عارضا على الشيء استقلالا سواء كان بواسطة فى الثبوت أم لم يكن بواسطة اصلا فهو عرض ذاتي لذلك الشيء و إن كان عارضا على الشيء بتبع عروض أمر آخر عليه أو لم يكن عارضا عليه حقيقة