السيرة العقلائيّة على ذلك، فمثلًا: لو فرض أنّه نريد الاستدلال على استقرار سيرة أصحاب الأئمّة (عليهم السّلام) على العمل بخبر الثقة، و اليوم العقلاء يعملون بخبر الثقة، لكن في أيّام الأئمّة لا يعلم بأنّ أصحاب الأئمّة هل كانوا يعملون بخبر الثقة أم لا؟
و لا شكّ أنّ هذه المسألة كانت داخلة في محلّ ابتلاء أصحاب الأئمّة كثيراً، كما أنّه لا شكّ في أنّه لا يوجد مبرّر لانصراف الناس عن العمل بخبر الثقة- بقطع النظر عن الشرع- باعتبار أنّ عدم حجّيّة خبر الثقة ليس من الأمور الواضحة بحسب الطباع العقلائيّة بحيث لا تحتاج إلى سؤال عن حجّيّته.
حينئذٍ: إذا اجتمع هذان المطلبان يُقال: بأنّ المسألة داخلة تحت محلّ الابتلاء كثيراً، و عدم الحجّيّة ليس من الواضحات.
و حينئذٍ: لا يخلو الأمر: إمّا أنّه كانت الحجّيّة من الواضحات عقلائيّاً.
و إمّا أنّه لم يكن لهم مثل هذا البناء.
فعلى الأوّل: يثبت المطلوب، و على الثاني: إذن كان ينبغي أن يكثر السؤال و الجواب في هذه المسألة؛ لأنّها محلّ الابتلاء كثيراً، و ليس عدمها واضحاً، فلو فرض في مورد أنّه لم يصلنا أسئلة و أجوبة في هذا المقام، أو أنّه ورد أسئلة و أجوبة، و لكنّها كانت تدلّ على الحجّيّة، حينئذٍ نستكشف صحّة الشقّ الأوّل، و بطلان الثاني؛ لأنّ المسألة لا تخلو من أمرين.
إمّا أنّ أصحاب الأئمّة يعملون بأخبار الثقات أو لا، و الثاني يلزم منه لازم، و هو كثرة السؤال و الجواب، فإذا فرض أنّ اللّازم غير واقع، فالملزوم غير صحيح، فيتعيّن الأوّل، و هو عمل أصحاب الأئمّة (عليهم السّلام) بأخبار الثقات.