باللّفظ، بينما إذا كان النقل بالمعنى فيكفي زمن النقل- و ذلك لأنّ الحجّة إنّما هي ظهور النصّ فيما إذا كان النقل باللّفظ، و لكن إذا أحرزنا ثبوته في عصرنا، و احتملنا عدمه في زمن النصّ، كفى ذلك في عدم إمكان التمسّك بالمدلول اللّغويّ للّفظ، لا لمجرّد احتمال القرينة المتّصلة التي لا نافي له عندنا فحسب، بل لأنّه يمكن إدراجه تحت كبرى أصالة عدم النقل في اللّغة، بأن يُراد بها أصالة عدم نقل مطلق الظهور النوعيّ العامّ للكلام، سواء كان على أساس العلقة اللّغويّة أو القرينة النوعيّة اللّبّيّة المتّصلة كالسيرة.

القسم الثالث: السيرة المتشرّعيّة

، و هي السيرة التي يُراد الاستدلال بها على كبرى الحكم الشرعيّ، أي: على التشريع الإلهيّ الكلّيّ الواقعيّ بحيث تكون هي مبدأ الدليل، و هذا كما في الاستدلال بالسيرة العقلائيّة على التملّك بالحيازة، بدعوى: أنّ السيرة العقلائيّة انعقدت على أنّ من يحوز شيئاً من الأموال المنقولة المباحة، كنقل الماء من النهر، و الاحتطاب من الغابات و نحوه، فإنّ السيرة العقلائيّة انعقدت على أنّ هذه الحيازة سبب للتملّك، فيُستدلّ بها على أنّ (من حاز ملك).

و كذلك الاستدلال بالسيرة العقلائيّة على انفساخ البيع لو تلف المبيع قبل القبض؛ فإنّ السيرة العقلائيّة انعقدت على أنّ (العوضين إذا تلفا قبل القبض بطلت المعاملة).

و من هنا يُراد تشريع كبرى كلّيّة يُراد إثباتها بالسيرة، أي: بدليليّة نفس السيرة؛ فإنّ الحكم بأنّ (من حاز ملك) كبرى تشريعيّة كلّيّة يُراد إثباتها بالسيرة، و كبرى أنّ (التلف قبل القبض يوجب الانفساخ) حكم كلّيّ يراد إثباته بالسيرة العقلائيّة، و كذلك لو استُدلّ على خيار الغبن بالسيرة بالمعنى التشريعيّ للسيرة، لا بالمعنى المتقدّم، فإنّه حينئذٍ