على الرطل العراقي لانهدمت اصالة الجهة بالتقريب المتقدّم، و ذكرنا انّ هذا التعيين يستشكل عليه بوجهين.
1- الوجه الأول: هو انّ اصالة الجهة يثبت بها مدلولها المطابقي أو الالتزامي، و كون الكرّ ستمائة رطل بالمكي لم يحرز كونه مدلولا مطابقيا و لا مدلولا التزاميا لها، بل هو، إمّا مدلول مطابقي لها، و إمّا مدلول مقابل لمدلولها المطابقي «لو أريد بالرطل، العراقي»، إذن، الرطل المكّي مدلول مطابقي لها، لكن على أحد احتمالين، و عليه: فكيف نثبت باصالة الجهة مطلبا ليس بالمدلول المطابقي و لا الالتزامي لها.
2- الوجه الثاني: لتقريب الاستشكال على الشقّ الثاني من الوجه الثاني و هو احتمال كون الكلام قد صدر تقية، و قد شبهناه بإجراء اصالة الاستصحاب في الفرد المردّد و ذلك لأنّ المدلول الاستعمالي للكلام مردد بين معنيين، يقطع بعدم جدّية أحدهما على تقدير كونه مفادا للكلام، و يحتمل جدية الآخر على تقدير كونه أنّه هو المفاد، فإن أردنا إجراء اصالة الجد بلحاظ ما يحتمل جديته، فلا محرز لكونه هو مفادا الكلام، و إن أردنا إجراؤها في الجامع لإثبات جدّيته، فالجامع ليس مدلولا، و إن أردنا إجراؤها في واقع ما هو المدلول على إجماله، بأن نشير بهذا العنوان الإجمالي إلى واقع ما هو مفاد الدليل في علم اللّه و نقول انّه هو المفاد الجدّي حيث يكون العنوان الإجمالي مجرّد مشير إلى ما هو المفاد، لا أنّه هو المفاد، فهذا أيضا غير صحيح، لأنّ المشار إليه هنا مردد بين ما هو مقطوع البطلان، و عدم الجديّة على تقدير، و غير محرز الوجود على تقدير آخر، فيكون من قبيل إجراء اصالة الاستصحاب في الفرد المردّد، أي انّ الظهور في الجدية المشار إليه بهذا العنوان مردّد بين ما يقطع ببطلانه، و ما لا يحرز وجوده، و إحراز مثل هذا الظهور لا يكون إحرازا لظهور حجة لكي تثبت على أساسه لوازمه.
و هذا الإشكال، و إن كنّا نبني عليه سابقا، لكن تبين لنا أخيرا أنّه قابل للجواب.