الوجدان قاض بأنّ الظهور الإطلاقي يحدث من أوّل الأمر، و أنّ العقلاء يبنون عليه و لا ينتظرون احتمال مجيء القرينة المنفصلة، فلو كان اشتراط عدم القرينة المنفصلة شرطا متأخرا، لكان مرجعه إلى أنّ ظاهر حال المتكلم، أنّه في مقام بيان مرامه بمجموع كلامه، مع أنّ الوجدان قاض، بأنّ ظاهر حاله أنّه في مقام بيان مرامه بشخص كلامه كما عرفت سابقا، لا بمجموع كلامه، إذن فلما ذا يشترط عدم القرينة المنفصلة؟
و أمّا نقضا: فإنّه بناء على أخذ عدم القرينة المنفصلة شرطا في ثبوت الإطلاق على نحو الشرط المتأخر، يلزم منه أنّه لو احتمل أنّه سوف تأتي القرينة المنفصلة على التقييد في المستقبل، فضلا عمّا لو احتمل إتيانها الآن، يلزم منه أن لا يتمسك بالإطلاق، لأنّ الإطلاق فرع عدم القرينة المنفصلة على نحو الشرط المتأخر، إذ ما لم يحرز الشرط المتأخر في ظرفه، لا يحرز المشروط، و حينئذ، لا تجري اصالة عدم القرينة، كما أوضحنا ذلك سابقا، إذن فالصيغة الأولى باطلة.
و أمّا الصيغة الثانية: و هي كون اشتراط عدم القرينة المنفصلة بنحو الشرط المقارن، بمعنى أنّ الظهور الإطلاقي يبقى مستمرا إلى حين ظهور القرينة و يرتفع عند ظهورها.
و فائدة هذه الصيغة هي علاج النقض الوارد على الصيغة الأولى، لأنّ احتمال القرينة البعديّة بناء على هذا، لا يوجب التوقف عن العمل بالإطلاق، لكن هذه الصيغة غير صحيحة حلّا و نقضا.
أمّا حلّا: فلأنّها غير معقولة، إذ لا يعقل أن يفرض أنّ الإطلاق مشروط بنحو الشرط المقارن، لأنّ اشتراط الإطلاق بعدم مجيء القرينة المنفصلة ليس جزافا كما ذكرنا آنفا، بل هو لأجل تتميم الدلالة الالتزامية لذلك الظهور الحالي السياقي.
و حينئذ إذا نظرنا إلى هذا الظهور الحالي السياقي، نتصور فيه ثلاث احتمالات.