إذن فالبداء باب من أبواب العبادة، و هذا لا يتناسب مع فكرة الندم و الجهل كما أشكلوا.
و منها: إنّ البداء فرض من الأسس و الأركان التي أخذ على الأنبياء حينما أرسلوا الالتزام به، كما يفهم ممّا رواه الكليني (قده) بسند صحيح إلى الريان بن السلط. قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السّلام) يقول: «ما بعث اللّه تعالى نبيّا قطّ إلّا بتحريم الخمر، و أن يقرّ للّه تعالى بالبداء» [1]. و هذا لا يتناسب أيضا مع ما أشكلوا به.
و منها: انّ الكلام في البداء و التحدّث به، فيه أجر كبير كما روى الكليني (قده) بسنده إلى مالك قال: «سمعت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) يقول: لو علم الناس ما في البداء من الأجر، ما فتروا عن الكلام فيه» [2]، و هذا يشعر بأنّ فكرة البداء لها مدلول تربوي في حياة الإنسان. بينما لا يوجد حثّ على النظر في كيفية علم اللّه تعالى.
و منها: ما يدلّ على أنّ البداء لا يعني التغيير في علم اللّه تعالى، كما فيما روى الكليني (قده) عن عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال:
«ما بدا للّه في شيء إلّا كان في علمه قبل أن يبدو له» [3].
و منها: ما يدلّ على أنّ البداء تأكيد لاختيار اللّه تعالى و سلطانه، كما في رواية الريّان المتقدمة، مضافا إليها- بعد قوله، و أن يقرّ للّه بالبداء- قوله:
«و انّ اللّه يفعل ما يشاء»، إذن، ينبغي أن يفسّر البداء على ضوء الاختيار و السعة في المشيئة، في قبال من يدّعي ضيقا في المشيئة، لا في قبال من يفسّر البداء بالمعنى اللغوي المتقدّم.
و هذه الخصائص، خصائص إجمالية وردت كلها في روايات معتبرة.
[1] للوقوف على هذه الأحاديث راجع البحار- ج 1- ح 19- 20- 21- 32- 24- 25- 26.