و هذه المسألة، قد تكون إثارتها بسبب شبهة مفادها: إنّ المفهوم أضعف من أن يخصّص عموما، فإنّ عموم العام منطوق، و الدلالة المفهوميّة أضعف من الدلالة المنطوقية.
و حينئذ، أجيب على هذه الشبهة، بأنّ المناط في قوة الدلالة و ضعفها، ليس المنطوقيّة و المفهوميّة، بل المناط في القوة و الضعف، إمّا الأظهريّة، و إمّا القرينيّة، و إمّا الورود، كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى.
و قد يكون منشأ إثارتها شيء آخر عكس ما ذكر، و هو انّه إذا تعارض العام مع المفهوم، فيجب أن نقدم المفهوم، و إلّا فلو لم نقدم المفهوم، و عملنا بالعام، فحينئذ، هل نعمل بالمنطوق أم لا؟
فإن عملنا به، فهذا تفكيك بين المتلازمين، و إن رفعنا اليد عن المنطوق، فهذا جزاف محض، و إلغاء للدليل بلا موجب لأنّ المنطوق ليس له دعوى في معارضة العام، و بهذا نستحصل على صورة برهان على تقديم المفهوم.
و حينئذ، قد يجاب على هذه الشبهة، بأنّه إذا وجد ملاك آخر يقتضي تقديم العام و العمل به، حينئذ، فلا نعمل، لا بالمفهوم، و لا بالمنطوق.
و قولكم بأنّ سقوط المنطوق جزاف بجزاف، لأنه لا معارض له، هذا القول هو جزاف في نفسه أيضا، لأنّ المعارضة تسري لا محالة من المفهوم