و إلى هنا، ثبت أنه يمكن إجراء هذه القاعدة في محل كلامنا، و نثبت بعكس نقيض الظهور الثاني، إنّ النحوي غير مراد استعمالا، إذن فهو خارج تخصصا.
و بذلك يكون هذا الظهور معارضا مع الظهور الأول الراجع إلى اصالة الحقيقة و الذي يثبت استعمال اللفظ في العموم، بحيث يكون النحوي مرادا استعمالا.
هذا حاصل الإشكال الأول على ما أجيب به عن الإشكال الذي أوردناه على صاحب الكفاية (قده).
و إن شئت قلت: إن حاصل البيان الثاني المنسوب لصاحب الكفاية هو: أنه في قولنا «أكرم كل عالم» لا يصح التمسك بعكس النقيض لإثبات أنّ زيدا الخارج ليس بعالم، لأنه لا يؤثر في تشخيص «كل» في المراد الجدّي و الاستعمالي، حيث انّ الأول لا يشمل زيدا، للمخصّص، و الثاني يشمله، سواء قيل بالتخصيص أم بالتخصص في الجدّي.
و بناء عليه، يكون التمسك بعكس النقيض لإثبات انه خارج تخصصا غير مفيد عقلائيا.
و هذا بخلاف الظهور الثاني القائل: إنه كلّما كان شيء مرادا استعمالا، فهو مراد جدا، فإن التمسك بعكس نقيضه يكون مؤثرا في تحديد المراد الاستعمالي، لأنه يقول: كلما لم يكن الشيء مرادا جدا لا يكون مرادا استعمالا، و هو يعني خروجه تخصصا عن موضوع العام.
و حينئذ نقول: إنّ الرجوع الى تلك النكتة في قولنا: «أكرم كل عالم»، هل هو بعد افتراض أنّ مدلول العام الاستعمالي هو العموم، أم قبله؟.
فإن كان بعد فرض علمنا بأن المراد الاستعمالي هو العموم، و أن المراد الجدّي هو الخصوص لخروج زيد تخصيصا، فهو خلف، لأنه بعد فرض أن المراد الاستعمالي هو العموم على كل حال، فهو يعني انه في المرتبة السابقة