العام، و بذلك يكون هذا الظهور بمقتضى عكس نقيضه معارضا مع الظهور الأول، لأنّ مقتضى الظهور الأول ان النحوي مرادا استعمالا كما عرفت، إذن، فنفس الظهور الثاني الدائر أمره بين التخصيص و التخصص يكون دليلا على نفي التخصيص و إثبات التخصص، و بذلك تقع المعارضة بين الظهورين.
فإن قيل: ما دام انّه بقانون عكس النقيض يثبت انّ النحوي خارج تخصصا من تحت العام، فلما ذا يلتزمون بسقوط العام عن الحجية في كل مورد يدور الأمر فيه بين التخصيص و التخصص، مع أنه يمكن إجراء نفس البيان المتقدم حيث يقال: مثلا، لو قال المولى أكرم كل عالم، ثم قال: لا تكرم زيدا، و شككنا في خروجه تخصصا لأنه ليس بعالم أو تخصيصا لأنّ المولى لا يريد إكرامه رغم انه عالم، فهنا يمكن تشكيل قضية موجبة كلية تقول: كلما كان إنسان عالما يجب إكرامه، و تنعكس بعكس النقيض إلى انه كلما لم يجب إكرام إنسان فهو ليس بعالم، فيثبت أنّ زيدا خرج تخصصا عن وجوب الإكرام، و يبقى العام حجة في غيره و لا داعي لسقوطه عن الحجية.
قلنا: إنّ النكتة الموجبة لصحة جريان هذا البيان في مقامنا غير موجودة في مثال «أكرم كل عالم» كي تكون موجبة لخروج «زيد» تخصصا، و بقاء العام على حجيته، و توضيح ذلك من خلال بيانات.
1- البيان الأول: هو ما ذكره المحقق العراقي [1](قده)، و حاصله: إن وظيفة المولى هي بيان الأحكام و تشريعها، و أمّا كون زيد عالما أو ليس بعالم، فهو من وظيفة المكلف نفسه، فهو الذي يشخّص ذلك، و كلّ قضية ليس بيانها من وظائف المولى و شئونه لا يمكن استنتاجها من كلامه لا بالدلالة المطابقية و لا بالدلالة الالتزامية.