الإحراق من النار لا يكون مصححا لوجود الإحراق [1]!.
ثانيا: إن الإمكان، لو كان هو المصحّح لوجود، فمعنى هذا، أنه وجد صدفة بلا أي منشأ، لأن الإمكان نسبته إلى الوجود و العدم على حد واحد، و الصدفة غير الاختيار، فإذا وجدت الحرارة في الماء صدفة، فلا يقال، إن هذا عمل اختياري.
الفرض الثالث: أن يقال، بأن المصحّح لوجود هذا الفعل النفساني، فعل نفساني قبله، أي هجمة للنفس قبل هذه الهجمة، تصحّح هذه الهجمة، و مثل هذا أيضا لا معنى له، للزوم التسلسل في هجمات النفس، إذن فلا بدّ من الانتهاء إلى فرض رابع.
الفرض الرابع: هو إبداء مفهوم ثالث، في مقابل مفهوم الإمكان و الوجوب، و هذا المفهوم، هو مفهوم السلطنة. و من هنا نأتي إلى توضيح أصل الطلب، و هو المعنى المجمل من كلام المحقق النائيني، الذي قلنا، أنه صحيح، و توضيحه يكون من خلال عدة نقاط.
النقطة الأولى
إن قاعدة الوجوب بالعلة، و أن الشيء «ما لم يجب بالعلة لا يوجد»، لو كانت هذه القاعدة، قد قام عليها البرهان، فلا معنى للالتزام بالتفصيل فيها، أو التخصيص، لأن البرهان العقلي، حينما يقوم على القاعدة، حينئذ، تكون القاعدة، غير قابلة للتخصيص و التقييد، و لكن الصحيح، أن هذه القاعدة، ليست قاعدة مبرهنة، و إنما هي قاعدة وجدانية، لا يمكن إقامة البرهان عليها، إذ أنها قاعدة من المدركات الأولية للعقل، و إن حاول جملة من الحكماء، أن يبرهنوا على قاعدة العلية، و هي أن الشيء ما لم يجب لم يوجد، و قد تعرضنا لذلك في الأسس المنطقية للاستقراء، و ذكرنا هناك، أنّ الاستدلال على العليّة