الحكم عن الإلزام و ثالثا، لا يمنع هذا الحكم عن الأمر الاستحبابي فضلا عن الإلزام.
الوجه الثاني: إن الأمر في الآيتين، و إن كان مولويا، لكن يحمل على الاستحباب، بلحاظ القرينة، و هي، أنّ الحمل على الوجوب، يلزم منه تخصيص [1] الأكثر، و هو مستهجن عند العرف، إذ ثبت بالدليل الخاص، أنه لا يجب الفور في الواجبات، و كذلك المستحبّات، بخلاف الحمل على الاستحباب، فلا بأس به في جميع الموارد، و قد بنى على هذا الوجه السيد الخوئي [2].
و هذا الوجه، لا يتم على مبنى السيد الخوئي و الميرزا، و يتم على المشهور الذي بنينا عليه، فإنه إن قلنا بأن دلالة صيغة افعل على الوجوب بحكم العقل و ليس باللفظ، فلا يلزم تخصيص الأكثر، إذيقال أنّ هذا الأمر وجوب بحكم العقل ما لم يرد ترخيص بخلافه، و قد ورد ترخيص في أكثر موارده، إذن ما ورد فيه الترخيص يبنى فيه على عدم الوجوب، و ما لم يرد فيه ترخيص يبنى فيه على الوجوب. و ليس هذا تخصيصا للأكثر، لأنّ الوجوب ليس مدلولا لفظيا للخطاب حتى يلزم إخراج عدم الوجوب منه، و إنّما الوجوب حكم عقلي معلّق على عدم مجيء الترخيص فلا يتم هذا البيان على هذا المسلك.
نعم بناء على أن الوجوب مدلول لفظي، يقال بأنّ الصيغة لو كانت مستعملة في معناها الوضعي، للزم تخصيص الأكثر، إذ لا وجوب في أكثر الموارد.
و هذا المقام، من ثمرات مسلك السيد الخوئي و الميرزا، و مسلك المشهور، و قد تقدم ذلك في بحث صيغة افعل.