التكويني، فينعكس على الصيغة تمام خواص الدفع الخارجي.
و من الواضح، أنّ من خواص هذا الدفع إذا كان مؤثرا أثره، أن يسرع باندفاعه نحو الشيء و لا يقبل هذا الدفع تراخيا، و عليه فلا بدّ من الفورية في الاندفاع، من قبل المكلّف، و يكون هذا جزءا من المدلول الوضعي للصيغة «افعل»، و هذا معناه، أنّ الخطاب دال على الفورية ما لم تقم قرينة على الخلاف.
و هذا التقريب غير تام، و نكتة الفرق بين الدفعين، أنّ الدفع الخارجي إنما اقتضى الفورية لأنه تحريك نحو أمر آني جزئي خارجي، فلا محالة يتجه وجهة معيّنة، باعتبار خارجية التحريك، و جزئيته، و يتشخّص موضوعه المحرّك نحوه في فرد مساوق و مزامن للتحريك، و لذا كان هذا التحريك يقتضي الفورية.
و أمّا التحريك التشريعي للصيغة «افعل» إنما هو تحريك تصوري متعلق بالجامع و بالطبيعة، فلا يقتضي إلّا وجودها، و هي كما توجد في الفرد الأول، توجد في الفرد الثاني.
و بعبارة أخرى، إنّ الفورية في التحرّك، ليست من اللوازم المباشرة لنفس التحريك، بل من لوازم شخصيّة المحرّك نحوه و كونه جزئيا آنيا خارجيا مزامنا للتحريك، و هذا من شئون خارجية التحريك، و أمّا التحريك التشريعي للصيغة، لمّا كان لا يستدعي جزئية المحرّك نحوه و لا المحرّك، فلا محالة يبقى المحرّك نحوه على جامعيته.
و فاعلية هذا التحريك، تكون بوجود الجامع، و هو كما يوجد بالفرد الأول، يوجد بالثاني.
إذن فقياس أحد التحريكين على الآخر غير صحيح، و عليه فالخطاب لا يدل مطلقا لا بمادته و لا بهيئته، على الفور، و لا على التراخي.