تأثير اقتضائها الذاتي في السريان، و إلّا فالطبيعة بذاتها مقتضية للسريان و الانطباق على تمام الأفراد.
و فرق النظرية الثانية عن النظرية الأولى هو، أن المقتضي للسريان في الأولى، أمر خارج عن الطبيعة، و هو الإطلاق اللحاظي، و المقتضي للسريان على النظرية الثانية هو ذات الطبيعة، غاية الأمر، أنه سنخ مقتض قد يقترن بالمانع و هو لحاظ التقيّد
و الفرق العملي بين النظريتين يظهر في الطبيعة المهملة التي لم ينضم إليها لا تقيد لحاظي، و لا إطلاق لحاظي.
فإن قلنا بالنظرية الأولى و هي أن السريان و الانطباق من شئون الإطلاق اللحاظي و أمّا الطبيعة ذاتها فلا تقتضي السريان، إذن فالطبيعة المهملة في قوة المقيّدة، لأن الطبيعة إنما تسري إلى الأفراد بقوة الإطلاق اللحاظي، فإذا لم ينضم إليها لا إطلاق لحاظي و لا تقيد لحاظي، إذن لا تسري إلى تمام الأفراد، و هذا معنى أنها في قوة المقيّدة.
و إن اخترنا النظرية الثانية كما هو الصحيح، و قلنا بأن الطبيعة بذاتها تقتضي السريان ما لم يمنع عن ذلك اللحاظ التقييدي، فحينئذ، تكون الطبيعة المهملة في قوة المطلق، لأن المقتضي للسريان موجود، و المانع مفقود.
أمّا المقتضي للسريان، فهو ذات الطبيعة، و ذات الطبيعة محفوظة تحت اللحاظ.
و أمّا المانع عن السريان، فهو لحاظ القيد، و المفروض عدمه، إذن فتسري، و هذا معناه أن الطبيعة المهملة تكون في قوة المطلقة.
إذن فالمبنى المختار في باب المطلق و المقيّد، هو كون المهمل في قوة المطلق.
و منه يظهر، أنه لا يأتي إشكال، أن المولى لا يعرف مطلوبه و لا حدود مطلوبه، بل إنّ ما هو مطلوب المولى معلوم الحدود في كلا العالمين، في