موجودة بين المعنى اللغوي و الصحيح، سواء كانت المناسبة هي المشاكلة و المشابهة أو علاقة الجزء و الكل، فأيّ مناسبة إذا كانت قائمة بين المعنى اللغوي و الأعم فهي في نفس المرتبة، لا بدّ من فرض قيامها أيضا بين المعنى اللغوي و الصحيح. و مسألة المجاز الأوّلي و المجاز الثانوي إنما تتصور في معنيين مجازيين متغايرين متباينين، عندئذ يقال، أن المناسبة أولا تقوم بين المعنى اللغوي و أحدهما ثم تقوم بين هذا المعنى المجازي و المعنى المجازي الآخر، أما إذا كان المعنيان المجازيان، من قبيل الصحيح و الأعم، إذن فكيف يمكن أن نتعقل المناسبة بين الأعم و ما بين المعنى اللغوي مباشرة، و لا نتعقل في نفس المرتبة المناسبة بين الصحيح و المعنى اللغوي.
فهذه الصيغة إذن غير متعقّلة للنزاع.
الصيغة الثانية:
الصيغة الثانية للنزاع، هي التي تصورها المحقق الأصفهاني [1](قده) و مضمونها هكذا:
أن الصحيحي يقول بأن اللفظ دائما يستعمل في الصحيح، و حينما يراد منه الأعم، لا يكون من باب استعمال اللفظ في الأعم، بل اللفظ مستعمل في الصحيح، لكن عندئذ، المتكلم يعمل عناية عقلية، فيوسع دائرة الصحيح، و ينزّل الفاسد منزلة الصحيح، فبالعناية و التنزيل يريد الأعم، و الأعمي يقول بأن اللفظ دائما يستعمل في الأعم، و حينما يراد منه الصحيح، يكون هذا من باب تعدد الدال و المدلول، فاللفظ مستعمل في الجامع [2]، و خصوصية الصحة تستفاد من دال آخر.
[2] هذا إذا كان الجامع صادقا على الواجد و الفاقد بحدهما لما يقال مثله في الماهيات التشكيكية من أن الماهية الواجدة تارة شديدة و أخرى ضعيفة، و أما إذا كان الجامع من الماهيات المهملة، فكونها لا بشرط يقتضي صدقها على الواجد و الفاقد فلا. المؤلف.