و كذلك آية الكتمان، إذا تمّ الاستدلال بها، و أنّ مفادها حرمة الكتمان، فنقول: حرمة الكتمان تشمل حتى صورة العلم مع القطع بعدم حصول العلم للسامع، و هذا يلزم منه الحجية، فهذا إثبات للحجية بإطلاق دليل حرمة الكتمان لفرض عدم حصول العلم للسامع، فالنسبة بين الإطلاقين العموم من الوجه.
و كذلك آية النبأ، إذا قُرّب بأنّ مرجع الآية إلى أنّه إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ، بأنّ مفهوم، (إن لم يجئكم فاسق بنبإ)، فلا يجب التبيّن، و هذا له مصداقان، أحدهما: أن لا يجيء نبأ أصلًا، و الثاني: أن يجيء نبأ من غير الفاسق، و الحجية تثبت بإطلاقها، المفهوم لهذا الفرد الثاني، و حينئذٍ، يتعارض الإطلاقان بنحو العموم من وجه، لا أنّه من باب الأخصيّة، اللّهمّ إلّا أن يقال: إنّه يُلتزم بالناسخية لا الأخصية، لأنّ آيات الحجية ناسخة لآيات عدم الحجية باعتبار تأخّرها الزماني، فإنّ آيات عدم الحجية وردت في السور المكيّة، بينما آية النفر وردت في المائدة و هي آخر سورة نزلت على الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم)، و آية النبأ وردت في سورة مدنيّة إذاً، فكلتا الآيتين متأخرتان زماناً، حينئذٍ إذا قيل بالنسخ يمكن، و أمّا التخصيص فهو بلا موجب و غير معقول، إذاً لا بدّ من النظر في الأدلّة.
لكن مع قطع النظر عن ذلك، فهذا الكلام صحيح، لأنّ أدلّة حجية خبر الواحد بالنتيجة فيها ما ينفع لرفع الإطلاق من هاتين الآيتين.
و الخلاصة هي: أنّ هذه الآيات إنّما تدلّ على الحجيّة بإطلاقها لصورة مجيء خبر الواحد غير الموجب للعلم، فتفترق عن آيات النهي فيما إذا كان الخبر علمياً، أو لم يكن خبر أصلًا كما في آية النبأ، بناءً على ما ذُكر، فتكون المعارضة بين الإطلاقين العموم من وجه، اللّهمّ إلّا أن يُقال بالناسخيّة، لتأخر آيات الحجيّة و لو بعضها عن آيات