نام کتاب : بحوث في علم الأصول نویسنده : الشيخ حسن عبد الساتر جلد : 10 صفحه : 407
علم بمخالفة في بعضها للواقع، غايته أنّه يلزم منه تنجيز غير الحرام بأحد الاستصحابات، و ليس في ذلك أيّ محذور، و هذه تختلف عن الاستصحابات النافية للتكليف، لأنّه يلزم من العلم الإجمالي بانتقاض بعضها بسبب جريان الاستصحابات النافية و مخالفة الواقع الترخيص في المخالفة، و لذلك لا يجوز جريانها، و ذلك بخلاف الاستصحابات المثبتة، فإنّه لا يلزم منها الترخيص في المخالفة، بل غاية ما يلزم هو تنجيز غير الحرام، و لا محذور في ذلك كما عرفت.
و قد ذهب الشيخ الأنصاري (قده) إلى عدم جريان الاستصحابات المثبتة مع العلم الإجمالي بانتقاض الحالة السابقة [1]، بدعوى: تناقض الصدر و الذيل في دليل الاستصحاب القائل: (لا تنقض اليقين بالشك، و لكن انقضه بيقين آخر) [2]، فإنك حال كونك شاكا ببقاء الحالة السابقة في تمام الأطراف، حينئذٍ، تجري الاستصحاب، هذا مقتضى الصدر، و أمّا مقتضى الذيل، و هو قوله: (و لكن انقضه بيقين آخر)، فهنا يفرض علماً بانتقاض الحالة السابقة، إذاً، فهذا الذيل يقول: لا تجري الاستصحاب مع أنّ الصدر يقول بجريانه، إذاً، فهنا يقع التناقض بين الصدر و الذيل، بين إبقاء الحالة السابقة على نحو الموجبة الكلية، مع العلم بنحو السالبة الجزئية بانتقاض بعض تلك الحالة، و مثل هذا التناقض يكون مانعاً عن جريان الاستصحابات المثبتة للتكاليف مع العلم الإجمالي بانتقاض بعضها.
و لكن هذه الشبهة غير تامة، كما ذكرنا في بحوث الاستصحاب، إلّا أنّ الغريب من صاحب الكفاية (قده)[3] منهجه في التخلص من هذه