و قد ثبتت أحاديث في كراماته و معجزاته و ما ظهر على يديه من خوارق عاداته، فإنها تعطى بمجموعها و جملتها أن بيديه في العالم العلوي و السفلي و جميع المملكة الربانية التصرف و التحكيم و الأمر و النهي و الرد لما شاء أو التسليم من غير منازعة و لا معارضة و لا مناقشة و لا مناقضة و إن الكل تحت خدمته و طاعته لا قدرة له على معصيته أو مخالفته كأحاديث تظليل الغمام و طاعة السحاب له بالتمام و نزول المطر و ارتفاعه بأمره غير مرة و مرتين و انشقاق القمر لما أشار له فرقتين و نزول ملائكة السماوات عليه بالطاعة لما يأمر به أو يشير إليه و إحياء الموتى و نطقهم بكرامته و كلام الصبيان معه و شهادتهم برسالته و إبرائه للمرضي و ذوى العاهات و سجود الشجر و الحجر له و الحيوانات و نطقها له كغيرها من الأحجار و الجمادات و الأشجار و النباتات و طواعيتها لجنابه و مجيئها لحضرته و رحابه و انفعال الأشياء كلها بدعوته و رجوعها لما يطلبه منها في خلوته و جلوته و قوله لأشياء كن فتكون على حسب ما أراده و تتكون في الحال طبق المراد و ذلك كله معلوم مشهور و في كتب السير و المعجزات مذكور.
روى البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها زوج النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) حدثته أنها قالت للنبي (صلى اللّه عليه و سلّم):
«هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، و كان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت و أنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا و أنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إن اللّه قد سمع قول قومك لك و ما ردوا عليك، و قد بعث اللّه إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت، فيهم فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي (صلى اللّه عليه و سلّم): بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يعبد اللّه وحده لا يشرك به شيئا» [1].