فهو النور الذي كان يبصر في عين أبيه و أمه، و ما سمع في ذلك بعد ما حملت به أمه، و كونه (صلى اللّه عليه و سلّم)، ورث ذلك منهم بعد ولادته (صلى اللّه عليه و سلّم) و انتقاله من الظهر الظاهر إلى الظهر الطاهر.
و حكى أبو الفضل عياض أنه كان كل من تقدم من آبائه (صلى اللّه عليه و سلّم) إذا أوقع في الرحم ما أودع اللّه تعالى في ظهره من نطفة المصطفى (صلى اللّه عليه و سلّم) يجد الفراغ و الكسل و تختل عليه أحواله كلها حتى جاهه في الناس، هذا بالنظر إلى مكانه الأول، و هذا النور كشف له عن نورانية نطفته (صلى اللّه عليه و سلّم).
* قلت: قال الشيخ أبو محمد عبد الجليل القصري في «شعبه»: فقد أعلمك- يعني عليا رضي اللّه عنه أن النبي (صلى اللّه عليه و سلّم) عقدت له النبوة قبل كل شيء و أنه دعا الخليقة عند خلق الأرواح و بدء الأنوار إلى اللّه تعالى كما دعاهم آخرا في خلقة جسده آخر الزمان.
و من هذا المعنى قوله تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ ... الآية إلى قوله:
إلى آخر المعنى فقد آمن الكل به فهو آدم الأرواح و يعسوبها كما أن آدم أبو الأجساد و سببها، ثم قال و انظر قوله عز و جل تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1].
و العالمون هم جميع الخليقة فقد أنذر الخليقة أجمع، و آمن الكل به في الأولية و الآخرية، و انتقال النور في جميع العالم من صلب إلى صلب فافهم انتهى.
قال الشيخ محمد بن جعفر الكتاني: و لما خلق آدم (عليه السّلام) باطنا من أصل هذه الطينة المحمدية و لذا كان هو و بنوه مرسومين بقلم القدرة على رسم اسم محمد (صلى اللّه عليه و سلّم) و هو قول ابن الفارض على لسان الحقيقة المحمدية و ذلك في «تائيته الكبرى»:
و إني و إن كنت ابن آدم صورة* * * فلي فيه معنى شاهد بأبوتى