الشمس تجري في وجهه و نصاعة منظره، و إذا تكلم فالنور يخرج من ثنياه، و إذا تبسّم أضاء نوره في الجدرات.
و تذكر محاسن أعضائه، و ظرافة شكله، و حسن شمائله، و حلاوة ألفاظه، و رشاقتها في نطقه.
ثم تذكر ما شاء اللّه من الصفات التي عجز البلغاء عن حصرها، و كلّت ألسن الفصحاء عن عدها.
ثم يقول: كان و اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) كما قال شاعره حسان رضي اللّه عنه:
متى يدب في الداجي البهيم جبينه* * * يلح مثل مصابح الدجى المتوقد
فمن كان أو من قد يكون كأحمد* * * نظام الحق، أو نكال لملجد
و قال الأشعري: إنه تعالى نور ليس كالأنوار، و الروح النبوية القدسية لمعة من نوره، و الملائكة شرر تلك الأنوار انتهى، نقله في مطالع المسرات.
و الإشارة بقوله (صلى اللّه عليه و سلّم): «اجعلنى نورا»: أي حقّا يظهر في كل شيء و لا أظهر بشيء، و قد يستهلك الحق به، فكل شيء ينسب لوجوده، و يكون هو المرتدي و الحق رداءه، فالمرتدي هو المستهلك فيه، فإذا كان العبد رداء كان هو الظاهر و الحق باطن، و إذا كان الحق رداء فالأمر بالعكس.
و بالنسبة للنور الروحاني: و هو الانعكاس نور الأنبياء، و يسمّى بالانعكاس الثاني، و منه خلقت أرواح الملائكة، فالملائكة خلقت من نور، و هي نورانية، و هذا النور هو النور المحمدي في الانعكاس الثاني، و المرحلة الثالثة من عالم الأمر، فهو فرع الفرع.
و الحقيقة لبشريته (صلى اللّه عليه و سلّم) في الكل، و خلقت من نوره (صلى اللّه عليه و سلّم)، و هو أول عين تعين، و منه تفرّعت الأعيان.
و النور الحسّي و الجسماني: هو الانعكاس الثلاثي، فالنور المحمدي الأول كلما ازداد انعكاسه و ابتعد عن أصله ازداد كثافة، إلى أن أصبح ضياء حسيّا كالشمس، ثم انعكاس النور المحمدي على الوجود بأركانه الأربعة و هي الماء و العرش و القلم و اللوح المحفوظ،