فمن كان أو من قد يكون كأحمد* * * نظاما لحق أو نكالا لملحد
و ليس ظهور النور في الليل أقوى و أشد، و إنما خص الجبين؛ لأن النور أول ما يظهر في الأماكن المرتفعة ثم ينتشر.
و في البخاري: عن كعب بن مالك رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلّم) إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر و كنا نعرف ذلك منه انتهى.
و لا يفهم من هذا أن استنارة وجهه خاصة بوقت السرور؛ لأن أصلها ظاهر في كل وقت؛ لأن نورانيته (صلى اللّه عليه و سلّم) ذاتية لازمة، و كمالها و تمامها خاص بوقت السرور، و هذا أمر معروف في كل حسن يتجلّى تمام حسنه عند السرور أكثر.
و قد دخل (صلى اللّه عليه و سلّم) يوما على عائشة و أساريره تبرق: أي يلمع منها شبه البرق فقالت: يا رسول اللّه أنت أحق بقول أبي كثير الذي قال في ربيبه:
و إذا نظرت إلى أسرة وجهه* * * برقت كبرق العارض المتهلل
و هذا أصل كما قال القاضي أبو بكر بن العربي في سراج المريدين في قلب المعنى الحسن، و أخذه من غير حقه و وضعه في حقه.
و كان (صلى اللّه عليه و سلّم) يعرف غضبه في وجهه لشدة صفاء بشرته و قوة نورانيته.
و قد شبّه بعضهم جبهته المقدسة (صلى اللّه عليه و سلّم) في بياضها المشوب بالحمرة، و صفائها و إشراقها و استنارتها بلوح فضة يتموج فيه الذهب، و في هذا التشبيه وصف جبهته الشريفة بتمام الحسن، و كمال الجمال، و تفريج الناظر، و ظفره بأكمل المطالب، و أشرف المآرب.
و قد روى ابن المبارك و ابن الجوزي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: إنه (صلى اللّه عليه و سلّم) لم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوءه ضوء الشمس، و لم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوءه ضوء السراج، و لهذا لم يظهر له (صلى اللّه عليه و سلّم) ظل في شمس و لا قمر، كما قاله ابن سبع، و القاضي عياض و غيرهما.
و قد كانت رضي اللّه عنها تتذكر بديع صفاته، و حسن جماله، و بهاء نوره، كأن