فقال: كيف يعذبهم بالأموال و الأولاد، و معلوم أن لهم فيها مسرورا و لذة؟و ما تأويل قوله تعالى: وَ هُمْ كََافِرُونَ و ظاهره يقتضي أنه أراد كفرهم من حيث أراد أن تزهق أنفسهم فى حال كفرهم، لأن القائل إذا قال: أريد أن يلقانى فلان و هو لابس أو على صفة كذا و كذا، فالظاهر أنه أراد كونه على تلك الصفة؟
الجواب، قلنا: أما التعذيب بالأموال و الأولاد ففيه وجوه:
أولها ما روى عن ابن عباس و قتادة، و هو أن يكون فى الكلام تقديم و تأخير، و يكون التقدير: فلا تعجبك يا محمد و لا تعجب المؤمنين معك أموال هؤلاء الكفار و المنافقين و لا أولادهم فى الحياة الدنيا؛ إنما يريد اللّه ليعذبهم بها فى الآخرة عقوبة لهم على منعهم حقوقها؛ و استشهد على ذلك بقوله تعالى: اِذْهَبْ بِكِتََابِي هََذََا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مََا ذََا يَرْجِعُونَ ؛ [النمل: 28]، و المعنى: فألقه إليهم فانظر ما ذا يرجعون، ثم تول عنهم؛ و أنشد فى ذلك قول الشاعر:
عشيّة أبدت جيد أدماء مغزل # و طرفا يريك الإثمد الجون أحورا [1]
يريد: و طرفا أحور يريك الإثمد الجون؛ و قد اعتمد هذا الوجه أيضا أبو عليّ قطرب، و ذكره أبو القاسم البلخىّ و الزّجاج.