نام کتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري نویسنده : المظفر، الشيخ محمد رضا جلد : 1 صفحه : 427
و أوجبنا أن يكون العمل تابعا للعلم؛ لأنّ خبر الواحد إذا كان عدلا (1)، فغاية ما يقتضيه الظنّ بصدقه، و من ظننت صدقه يجوز أن يكون كاذبا».
و أصرح منه قوله بعد ذلك: «و العقل يمنع من العبادة بالقياس و العمل بخبر الواحد. و لو تعبّد اللّه (تعالى) بذلك، لساغ و لدخل في باب الصحّة؛ لأنّ عبادته بذلك لا توجب العلم الذي لا بدّ أن يكون العمل تابعا له».
و على هذا، فيتّضح أنّ المسلّم فيه عند الجميع أنّ خبر الواحد- لو خلّي و نفسه- لا يجوز الاعتماد عليه؛ لأنّه لا يفيد إلّا الظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئا (2). و إنّما موضع النزاع هو قيام الدليل القطعيّ على حجّيّته.
و على هذا، فقد وقع الخلاف في ذلك على أقوال كثيرة: (3)
فمنهم: من أنكر حجّيّته مطلقا، و قد حكي هذا القول عن السيّد المرتضى (4)، و القاضي (5) و ابن زهرة (6)، و الطبرسيّ (7) و ابن إدريس (8)، و ادّعوا في ذلك الإجماع. و لكن هذا القول منقطع الآخر، فإنّه لم يعرف موافق لهم بعد عصر ابن إدريس إلى يومنا هذا.
و منهم: من قال: «إنّ الأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة- لا سيّما الكتب الأربعة- مقطوعة الصدور». و هذا ما ينسب إلى جماعة من متأخّري الأخباريّين (9). قال الشيخ الأنصاريّ
[4]. راجع رسائل الشريف المرتضى 1: 24- 25؛ الذريعة إلى أصول الشريعة 2: 528- 531. و ذهب إليه أيضا بعض العامّة، كمحمّد بن إسحاق القاساني، و ابن داود، كما في التبصرة في أصول الفقه: 303.
[5]. هو أبو القاسم بن نحرير بن عبد العزيز بن برّاج، حكاه عنه صاحب المعالم في معالم الدين: 207.