و أمّا الجواب فملخّصه: أنّا لا نسلّم كون وجوب الالتزام من الواجبات المستقلّة النفسيّة؛ إذ غايته أن يكون واجبا تبعيّا غيريّا، أي مقدّمة للعمل في خصوص التعبّديّات التي عرفت خروجها عن مفروض الكلام.
و بالجملة، الأحكام الفرعيّة التوصّليّة- كدفن الميّت المسلم مثلا- بعد إمكان تحقّق الإطاعة فيها خارجا بلا موافقة التزاميّة، بل حتّى مع الالتزام بخلافها، لا مجال للحكم بوجوب الالتزام فيها مستقلّا، بل غايته الوجوب المقدّميّ- كنصب السلّم للصعود على السطح مثلا- لا مطلقا، بل يجب في خصوص التعبّديّات منها، خلافا للأحكام الاعتقاديّة كالمبدإ و المعاد مثلا، فإنّ وجوب الالتزام فيها أمر مطلوب نفسيّ، و هو واضح ظاهر لا غبار عليه.
هذا كلّه على مذهب المشهور، كما عرفته سابقا، و أمّا غيرهم فقد استدلّوا لإثبات مدّعاهم- أعني وجوب الالتزام في جميع الأحكام، حتّى في التوصّليّات- بوجوه عقليّة و نقليّة، و ملخّصها ما سننقله عن المحقّق الخراسانيّ (رحمه اللّه) من أنّ كلّ تكليف شرعيّ توصّليّا كان أو تعبّديّا، يجب فيه إطاعتان و امتثالان، أحدهما عمليّ و الآخر التزاميّ بحيث يستحقّ العقوبة على عدم الالتزام به [1].
[1] انظر الصفحة 490، ذيل عنوان «نقد أدلّة وجوب الموافقة الالتزاميّة و حرمة مخالفتها» نقلا عن كفاية الاصول: 268.