فإن قلت: لا فرق في ذلك [1] بين العقليّات و الشرعيّات؛ و الشاهد على ذلك ما نشاهد من كثرة الاختلافات الواقعة بين أهل الشرع في اصول الدين و في الفروع الفقهيّة.
قلت: إنّما نشأ ذلك [2] من ضمّ مقدّمة عقليّة باطلة [3] بالمقدّمة النقليّة الظنّيّة أو القطعيّة؛
و من الموضحات لما ذكرناه- من أنّه ليس في المنطق قانون يعصم عن الخطأ في مادّة الفكر-: أنّ المشّائيّين [4] ادّعوا البداهة في أنّ تفريق ماء كوز إلى
«و ممّا يوضح ما ذكرناه من جهة النقل، الأحاديث المتواترة معنى، الناطقة بأنّ اللّه تعالى أخذ ضغثا من الحقّ و ضغثا من الباطل فمغثهما ثمّ أخرجهما إلى الناس [1]، ثمّ بعث أنبياءه يفرّقون بينهما، ففرّقتهما الأنبياء ...» [2].
[1] أي في كثرة الخطأ و الاشتباه و عدم الأمن منه.
[2] أي الاختلاف بين أهل الشرع.
[3] هذا منه (رحمه اللّه) تحكّم محض؛ لأنّ منشأ الخلاف بين الفقهاء غالبا اختلاف فهمهم من الأحاديث المرويّة عن المعصومين (عليهم السّلام) و كيفيّة علاج التعارض عند وقوعه بينها، و الشاهد عليه اختلاف الأخباريّين أيضا في كثير من المسائل الشرعيّة.
[4] اعلم أنّ المشائيّين طائفة من الحكماء و الفلاسفة، و هم التابعون مذهب أرسطو، كما أنّ الإشراقيّين طائفة اخرى منهم، و هم التابعون مذهب أفلاطون.