إن هذا الاتباع لعائشة و الخذلان لفاطمة (عليها السلام) مما يتعجّب منه ذو وا الألباب، و يدلّ على أن القوم العادلين عن بني هاشم كانوا على غاية من الضلال و الارتياب.
و من طريف تصديقهم لعائشة و عداوتهم لفاطمة (عليها السلام):
و روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين و غيره: أن نبيهم (صلّى اللّه عليه و آله) لما هاجر إلى المدينة، أقام ببعض دور أهلها و استقرض مريدا [1] للثمن و كان لسهل و سهيل، كانا يتيمين في حجر سعد بن زرارة ليشتريه، فوهبها له، و روى أنه اشتراه و بني فيه مسجده، و بنى فيه بيوتا و مساكن لنفسه ليسكن عياله و أزواجه فيها. فلما فرغت، انتقل إليها.
و روى الحميدي في الحديث الرابع و الثلاثين بعد المائة في المتفق عليه من مسند أنس بن مالك، في موضع المسجد خاصة، و في رواية أخرى قال: إن النبي (صلّى اللّه عليه و آله) أراد أن يشتري موضع المسجد من قوم بني النجار فوهبوه، و كان فيه نخل و قبور المشركين، فقلع النخل و خربت القبور.
و قد تضمن كتابهم أن البيوت لنبيهم (صلّى اللّه عليه و آله) في قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ». [2]
و من المعلوم أن زوجته عائشة لم يكن لها دار بالمدينة و لا بيت و لا لأبيها و لا لقومها، لأنهم كانوا مقيمين بمكة، و لا روى أحد أنها بنت لنفسها دارا في المدينة و لا بنى لها أحد من قومها منزلا بها، و مع هذا كله فإنها ادعت حجرة نبيهم (صلّى اللّه عليه و آله) بعد وفاته، التي دفن فيها.
فسلّمها أبوها أبو بكر إليها بمجرد سكناها أو دعواها، و يمنع فاطمة (عليها السلام) عن فدك و العوالي، مع طهارتها و جلالتها و طهارة شهودها، و شهادتهم بأن أباها و هبها لها ذلك