و من خطبة لها (عليها السلام) لمّا عادتها من النساء لمّا اشتدّ عليها المرض؛ فحمدت اللّه تعالى و صلّت على أبيها و قالت:
أصبحت و اللّه عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم؛ لفظتهم بعد أن عجمتهم، و شنأتهم بعد أن صبرتهم. فقبحا لفلول الحد، و اللعب بعد الجدّ، و قرع الصفاة، و صدع القناة، و خطل الآراء، و زلل الأهواء؛ «لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ». [1]
لا جرم، و اللّه لقد قلدتم ربقتها، و حملتهم أوبقتها، و شنت عليهم غارتها؛ فجدعا و عقرا و بعدا للقوم الظالمين.
ويحهم! أنّى زعزعوها عن رواسي الرسالة، و قواعد النبوة و الدلالة، و مهبط الروح الأمين، و الطبين بأمور الدنيا و الدين؛ «أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ». [2]
و ما الذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا منه و اللّه نكير سيفه، و قلّة مبالاته بحتفه، و شدة وطأته، و نكال وقعته، و تنمره في ذات اللّه عز و جل؛ و تاللّه لو مالوا عن المحجّة اللائحة و زالوا عن قبول الحجة الواضحة لردّهم إليها و حملهم عليها، و تاللّه لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و لسار بهم سيرا سجحا، لا يكلم خشته، و لا يكل سائره،