قال سبط ابن الجوزي في ذكر خطبة فاطمة (عليها السلام):
و قال الشعبي: لما منعت ميراثها، لاثت خمارها على رأسها- أي عصّبت، يقال: لاث العمامة على رأسه يلوثها لاثا أي عصّبها، و قيل: اللوث الاسترخاء، فعلى هذا يكون معنى لاثت أي أرخت- و حمدت اللّه تعالى و أثنت عليه، و وصفت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بأوصاف، فكانت مما قالت:
كان كلما فغرت فاغرة من المشركين فاها، أو نجم قرن من الشياطين وطأ صماخه بأخمصه، و أخمد لهيبها بسيفه، و كسر قرنه بعزمته، حتى إذا اختار اللّه له دار أنبيائه و مقرّ أصفيائه و أحبائه، اطلعت الدنيا رأسها إليكم، فوجدتكم لها مستجيبين، و لغرورها ملاحظين.
هذا و العهد قريب، و المدى غير بعيد، و الجرح لم يندمل؛ فأنّى تؤفكون و كتاب اللّه بين أظهركم؟
يا ابن أبي قحافة! أ ترث أباك و لا أرث أبي؟ و دونكها مرحولة مذمومة؛ فنعم الحكم الحق، و الموعد القيامة، و «لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ». [1]
ثم أومأت إلى قبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و قالت:
قد كان بعدك أنباء و هنبثة * * * لو كنت شاهدها لم تكبر النوب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * * * و اغتيل أهلك لما أغنا لك الترب
و قد رزينا بما لم يرزه أحد * * * من البرية لا عجم و لا عرب
ثم إنها اعتزلت القوم، و لم تزل تندب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و تبكيه حتى لحقت به.