قد كان بعدك أنباء و هنبثة * * * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * * * و غاب مذ غبت عنا الوحي و الكتب
تهضّمتنا رجال و استخفّ بنا * * * إذ بنت عنّا فنحن اليوم نغتصب
أبدت رجال لنا فحوى صدورهم * * * لمّا فقدت و حالت دونك الكثب
قال: فما رأينا يوما أكثر باكيا و باكية من ذلك اليوم.
هذا الحديث أكثر ما يروى من طريق أهل البيت (عليهم السلام)، و إن كان قد روي من طرق أخري أطول من هذا و أكثر، و أهل الحديث يقولون: إنه موضوع [1] علي فاطمة (عليها السلام).
و قال ابن قتيبة: قد كنت كتبته و أنا أرى أن له أصلا، و سألت عنه رجال الحديث، فقال لي بعض نقلة الأخبار: أنا أسنّ من هذا الحديث، و أعرف من عمله.
قلت: هذا الحديث و إن كان موضوعا كما ذكروا، فهو من أفصح الكلام و أحسنه مأخذا و احتجاجا، و لعل واضعه لا ينقص درجة عن الحجّاج بن يوسف الثقفي، و كتب غريب الحديث مشحونة بشرح كلامه و خطبه. فلا بأس أن يجرى هذا الحديث مجراها، في شرح غريبه و معانيه، و لعل أكثر ما يروى من أحاديث الغريب الطوال جارية هذا المجرى في التصنّع. و اللّه أعلم.
المصادر:
منال الطالب في شرح طوال الغرائب لابن الأثير: ص 501.
[1]. أقول- دفاعا عن مظلومية فاطمة (عليها السلام) و خطبتها-: إنه ليس موضوعا و إنه من كلام سيدتنا فاطمة (عليها السلام) كما هو من فصاحتها و غزارة علمها، خرجت من صدر محترقة من ظلامات أهل السقيفة. نقل الخطبة علماء الشيعة و عدة من علماء العامة كابن طيفور و الجوهري و السبط ابن الجوزي و ابن قتيبة و غيرهم، و أما كلام ابن الأثير بعد نقل الخطبة فقد نشأ من حقده الكامن في صدره و الضغائن التي ملأت قلبه و جوارحه.