إيها بني قيلة! أ أهتضم تراث أبي و أنتم بمرأى مني و مسمع؟ تشملكم الدعوة، و ينالكم الخبر، و فيكم العدد و العدّة، و لكم الدار، و عندكم الجنن، و أنتم نخبة اللّه التي انتخب لدينه، و أنصار رسوله (صلّى اللّه عليه و آله)، و خيرته التي انتجب لنا أهل البيت.
فنابذتم فينا صميم العرب، و ناهضتم الأمم، و كافحتم البهم؛ لا نبرح و لا تبرحون، و نأمركم فتأتمرون، حتى دارت لكم بنا رحى الإسلام، و درّ حلب الأيام، و خضعت نخوة الشرك، و باخت نيران الحرب، و هدأت روعة الهرج، و استوسق نظام الدين.
فأنّى جرتم بعد البيان، و نكصتم بعد الإقدام، عن قوم نكثوا أيمانهم، «أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». [1]
ألا قد أري أن قد أخلدتم إلي الخفض، و ركنتم إلي الدعة، و عجتم عن الدين، و مججتم الذي عرفتم، و لفظتم الذي سوّغتم، ف «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ». [2]
ألا و قد قلت الذي قلت؛ علي معرفة بالخذلة التي خامرتكم، و لكنها فيضة النفس، و منيّة الغيظ، و نفثة الصدر، و معذرة الحجة، فدونكم فاحتقبوها مدبرة الظهر، مهيضة العظم، خوراء القناة، ناقبة الخفّ، باقية العار، موصولة بشنار الأبد، متصلة بنار اللّه؛ فبعين اللّه ما تفعلون، و «اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ وَ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ»[3]، و أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد؛ «فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ»[4]، «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ». [5]
ثم انكفأت إلي قبر أبيها (صلّى اللّه عليه و آله) متمثّلة بقول صفيّة بنت عبد المطلب- و قيل: أمامة-: