أيها بني قيلة؛ أ أهتضم تراث أبيه و أنتم بمرأى مني و مسمع؟! تلبسكم الدعوة، و تشملكم الحيرة، و فيكم العدد و العدة، و لكم الدار، و عندكم الجنن، و أنتم الألى نخبة اللّه التي انتخب لدينه، و أنصار رسوله (صلّى اللّه عليه و آله)، و أهل الإسلام، و الخيرة التي اختار اللّه لنا أهل البيت. فنابذتم العرب، و ناهضتم الأمم، و كافحتم البهم؛ لا نبرح نأمركم فتأتمرون.
حتى دارت لكم بنا رحى الإسلام، و درّ حلب الأيام، و خضعت نعرة الشرك، و باخت نيران الحرب، و هدأت دعوة الهرج، و استوسق نظام الدين. فأنّى حرتم بعد البيان، و نكصتم بعد الإقدام، و أسررتم بعد التبيان، «لقوم نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». [1]
ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، و ركنتم إلى الدعة. فعجتم عن الدين، و مججتم الذي وعيتم، و لفظتم الذي سوّغتم؛ «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ». [2]
ألا و قد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم، و استشعرته قلوبكم، و لكن قلته فيضة النفس، و نفثة الغيظ، و بثّة الصدر، و معذرة الحجة.