إيها بني قيلة! أ أهضم تراث أبي و أنتم بمرأى و مسمع؟ تشملكم الدعوة، و فيكم العدة و العدد و لكم الدار، و أنتم نخبة اللّه التي انتخب لدينه، و أنصار رسوله (صلّى اللّه عليه و آله)، و الخيرة التي اختار لنا أهل البيت. فنابذتم فينا العرب، و كافحتم الأمم، حتى دارت بكم و بنا رحى الإسلام، و خضعت رقاب أهل الشرك، و خبت نيران الباطل، و وهنت دعوته، و استوسق نظام الدين. فنكصتم بعد الإقدام، و أسررتم بعد البيان لقوم نكثوا أيمانهم؛ «أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ». [1]
ألا لا أرى و اللّه إلا أن أخلدتم إلى الخفض و ركنتم الى الدعة؛ فمججتم الذي استرعيتم، و لفظتم الذي سوّغتم؛ «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ». [2] أ لم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح و عاد و ثمود و الذين من بعدهم لا يعلمهم إلا اللّه؛ جاءتهم رسلهم بالبينات، فردّوا أيديهم إلى أفواههم و قالوا: «إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ». [3]
ألا لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم و استفزّ قلوبكم، و لكن قلت الذي قلت لبثّة الصدر، و نفثة الغيظ، و معذرة إليكم، و حجة عليكم، و «إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ». [4]