ثم لم تريثوا شعثها إلا ريث أن تسكن نفرتها و يسلس قيادها؛ تسرّون حسوا بارتغاء، أو نصبر منكم على مثل حزّ المدى، و زعمتم أن لا أرث لنا. أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ تبغون [2]وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ «وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ». [3]
أيها معشر المسلمين! أ أبتزّ إرث أبي؟! يا ابن أبي قحافة؟ أبى اللّه أن ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئا فريا!
جرأة منكم على قطيعة الرحم و نكث العهد؛ فعلى عمد تركتم كتاب اللّه بين أظهركم و نبذتموه، إذ يقول: «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[4]، و فيما قصّ من خبر يحيى و زكريا إذ يقول: «رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا»[5]، و قال عز و جل: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»[6]، و قال تعالى: «إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ». [7]
زعمتم أن لا حظّ لي و لا أرث من أبي؟ أ فخصّكم اللّه بآية أخرج أبي منها أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا و أبي من ملة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن و عمومه أعلم ممن جاء به؟
فدونكموها مرحولة مزمومة، تلقاكم يوم حشركم، فنعم الحكم اللّه و نعم الخصيم محمد (صلّى اللّه عليه و آله) و الموعد القيامة، و عما قليل تؤفكون و عند الساعة ما تخسرون، و لكل نبأ مستقرّ، و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحلّ عليه عذاب مقيم.