و أحكامه الكافية، و بيّناته الجالية، و فضائله المندبة، و رخصه الموهوبة، و رحمته، و شرائعه المكتوبة.
ففرض اللّه عليكم الإيمان تطهيرا لكم من الشرك، و الصلاة تنزيها لكم عن الكبر، و الزكاة تزييدا في الرزق، و الصيام إثباتا للإخلاص، و الحجّ تشييدا للدين، و الحق تسكينا للقلوب و تمكينا للدين، و طاعتنا نظاما للملة، و إمامتنا لما للفرقة، و الجهاد عزّا للإسلام، و الصبر معونة على الاستجابة، و الأمر بالمعروف مصلحة للعامة، و النهي عن المنكر تنزيها للدين، و البرّ بالوالدين وقاية من السخط، وصلة الأرحام منماة للعدد و زيادة في العمر، و القصاص حقنا للدماء، و الوفاء بالعهود تعرّضا للمغفرة، و وفاء المكيال و الميزان تعبيرا للبخس و التطفيف، و اجتناب قذف المحصنة حجابا عن اللعنة، و التناهي عن شرب الخمور تنزيها عن الرجس، و مجانية السرقة إيجابا للعفة، و أكل مال اليتيم و الاستيثار به إجارة من الظلم، و النهي عن الزنا تحصّنا عن المقت، و العدل في الأحكام إيناسا للرعية، و ترك و الجور في الحكم إثباتا للوعيد، و النهي عن الشرك إخلاصا له تعالى بالربوبية.
فاتقوا اللّه حق تقاته، و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون، و لا تتولّوا مدبرين، و أطيعوه فيما أمركم و نهاكم؛ ف «إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ». [1]
فاحمدوا اللّه الذي بنوره و عظمته ابتغى من في السماوات و من في الأرض إليه الوسيلة؛ فنحن وسيلته في خلقه، و نحن آل رسوله (صلّى اللّه عليه و آله)، و نحن حجة غيبه، و ورثة أنبيائه.
ثم قالت: أنا فاطمة و أبي محمد (صلّى اللّه عليه و آله)؛ أقولها عودا على بدء، و ما أقولها إذ أقول سرفا و لا شططا؛ «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ». [2] إن تعزّوه تجدوه أبي دون نسائكم و أخا ابن عمي دون رجالكم؛ تبلغ النذارة صادعا بالرسالة، ناكبا عن سنن المشركين، ضاربا لأثباجهم، آخذا بأكظامهم، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة.