و مع ذلك فقد غلبت طاعته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كل عاطفة أخرى في نفسه، فأبى على فاطمة (عليها السلام) ما طلبت، و اعتذر إليها من هذا الإباء، و بكى و أمعن في البكاء لأن قرابة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) أحبّ إليه من قرابته، و لكنه سمع النبي (صلّى اللّه عليه و آله) يقول ما قال، فلم يسعه أن يغضب اللّه و رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) ليرضي فاطمة (عليها السلام) على برّه بها و إيثاره إياها.
و ما أشك في أن الأشهر الستة التي عاشها فاطمة (عليها السلام) بعد أبيها قد ملأت نفس أبي بكر كآبة و حزنا لأن فاطمة (عليها السلام) هجرته و لم تكلّمه حتى توفّيت، و ما أشك في أن أبا بكر لم يمتحن بشيء كان أشقّ على نفسه من وفاة فاطمة (عليها السلام) مغاضبة له، و من دفنها ليلا على غير علم منه و حرمانه أن يشهد جنازتها و يصلّي عليها و يبرّها بعد وفاتها بما كان يجب لها من البرّ ...، و امتحنه بهذه المحنة الخاصة حين اضطره إلى أن يرضي اللّه و رسوله (صلّى اللّه عليه و آله) و يغضب فاطمة (عليها السلام)، مع أن غصبها عليه ثقيل. [1]
المصادر:
الشيخان لطاها حسين: ص 65.
111
المتن:
قال مخول: سألت موسى بن عبد اللّه عن أبي بكر و عمر فقال لي ما أكره ذكره، قلت لمخول: قال فيهما أشد من الظلم و الجور و الغدر قال: نعم.
قال مخول: و سألته عنهما مرة، فقال: أ تحسبني بتريا؟ ثم قال فيهما قولا سيئا.
و عن ابن مسعود، قال: سمعت موسى بن عبد اللّه يقول: هما أول من ظلمنا حقنا و ميراثنا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فغصبانا فغصب الناس.
[1]. هذا كله فكر طه حسين المأخوذة من فكرة السقيفة و قد اشتبه عليه الحقائق حيث حسب أبا بكر بين المحذورين بينما هو أمام سيدة نساء العالمين.