النبي (صلّى اللّه عليه و آله): نحن معاشر الأنبياء لا نورّث، و أجابه علي (عليه السلام) بأن القرآن ينطق بما يدعيه هو، و إنه إنما يعلم من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ما نطق به القرآن و شهد به من توريث الأنبياء أولادهم.
فالخصوم في طول مدة مخاصمتهم متفقون على صريح القرآن، و إنما جاء التأويل من أهل التأويل الذين يقولون برأيهم ما يشاؤون في مقابل النص الجلي، و أبو بكر كان أعرف بنص القرآن من هؤلاء المتأوّلين. و لذا قبل ظهور القرآن فيما استند إليه علي (عليه السلام) من توريث الأنبياء أولادهم، و إنما دافع عنه برواية تفرّد بها بزعمه أنها تخرج مخرج التخصيص و المعلوم خلافه.
و قال في توريث الأنبياء لأولادهم: قال العلامة الزمخشري في الكشّاف في الجزء الثالث و العشرين في ذيل قوله تعالى: «إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ»[1]: روي أن سليمان غزا أهل دمشق و نصيبين فأصاب ألف فرس، و قيل ورثها من أبيه و أصابها أبوه من العمالقة.
و قال البيضاوي في ذيل الآية المزبورة: و قيل أصابها أبوه من العمالقة، فورثها منه فاستعرضها. فلم تزل تعرض عليه حتى غربت الشمس، و عقل عن العصر؛ و قاله أيضا الزمخشري في الباب الثاني و التسعين من كتاب «ربيع الأبرار».
و قال البغوي في تفسيره الموسوم بمعالم التنزيل في تفسير سورة مريم، في قوله تعالى: «يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»[2]، قال الحسن: يرثني من مالي.
و قال في قيام الشاهد على إرادة وراثة المال:
الشاهد الأول: كلام المفسرين ممن سمعت، حتى أنه لم ينقل إرادة وراثة النبوة إلا عن أبي صالح، لكنه في موضع واحد. قال محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ في تفسيره، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا جابر بن نوح، عن إسماعيل، عن أبي صالح: