و روى عن الحسن قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): «رحم اللّه أخي زكريا، ما كان عليه من ورثة ماله حين يقول: «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ». [1]
و قال فخر الدين الرازي في تفسير قوله تعالى: «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[2]، اختلفوا فيه، فقال الحسن: المال لأن النبوة عطية مبتدأ و لا تورث.
قلت: أراد بذلك أن الموت يوجب انتقال المال من الأب إلى الولد، كما هو معنى الإرث حقيقة و ليس كذلك في النبوة، لأن الموت لا يكون سببا لنبوة الولد و لا يتصوّر انتقال العلم من محل إلى محل آخر، فافترقا من هذه الجهة.
و قال القزويني في عدم وقوع التأويل في الآيتين من المخاصمين:
روى صاحب كتاب كنز العمال: ج 4 ص 134 عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر تطلب ميراثها، و جاء عباس بن عبد المطلب يطلب ميراثه، و جاء معهما على (عليه السلام)، فقال أبو بكر: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): لا نورّث، ما تركناه صدقة. فقال علي (عليه السلام):
(قال اللّه تعالى:) «وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ»[3]، و قال زكريا: «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ». [4] قال أبو بكر: هو هكذا، و أنت تعلم مثل ما أعلم. فقال علي (عليه السلام):
هذا كتاب اللّه ينطق، فسكتوا.
قلت: في هذه الرواية و غيرها من الحكايات المشتملة على مجيء فاطمة (عليها السلام) إلى أبي بكر لأجل المطالبة بفدك، بل و مجيء علي (عليه السلام) و العباس عند أبي بكر و عمر، بل و حكاية استشهاد عمر بالسبعة من الصحابة على أن تركة النبي (صلّى اللّه عليه و آله) تكون صدقة، دلالة واضحة على عدم وقوع التأويل في الآية الشريفة- مجملها- على إرادة وراثة العلم و النبوة، و لذا لم يؤوّل أبو بكر و لم يرفع اليد عن نص القرآن و ما هو ناطق به من وراثة المال، و إنما ردّ على علي و فاطمة (عليهما السلام) و العباس بحديث تفرّد به و لم يروه غيره من قول