بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ»[1]، و قوله تعالى: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا»[2]، و قوله (صلّى اللّه عليه و آله): «العلماء ورثة الأنبياء».
فلو كان سؤال زكريا من اللّه تعالى أن يرزقه وارثا في علمه و نبوته لزم أن يقول هكذا: يرثنى في علمي و يرث من آل يعقوب النبوة، لعدم تمامية المجاز بلا قرينة، و إطلاق الكلام شاهد على أن السؤال من اللّه تعالى الذرية و النسل ليقوموا بعده في ماله لقوله: «وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي»[3]، و الموالي من بنو عمه، فخاف منهم عن أن يتصرّفوا في أمواله و يصرفوها في خلاف المشروع.
و لذا قال فخر الدين الرازي في التفسير: أن المراد بالميراث في الموضعين هو وراثة المال، و هذا قول ابن عباس و الحسن و ضحّاك، و لم ينقل كون المراد وراثة النبوة إلا عن أبي صالح ...
قلت: و هذا هو الظاهر المعقول الوارد في الشرع؛ أما كونه هو الظاهر فلأن الصحابة و غيرهم لم يفهموا من الحديث الذي تفرّد به أبو بكر: لا نورّث، ما تركناه صدقة، سوى وراثة المال دون وراثة العلم، و إن هو عندهم إلا تأويل لا يصار إليه. و أما أنه هو المعقول، فلأن العلم و النبوة لا يكونان من الأوصاف التي تحصل للإنسان بالإرث و إن لزم أن يكون جميع أولاد آدم علماء أنبياء و كذلك أولاد خاتم الأنبياء (صلّى اللّه عليه و آله)، و ليس كذلك بالبداهة.
و أما أنه الوارد في الشرع، فلما رواه المحدث الشهير محمد بن جرير الطبري في التفسير عن قتاده: أن رسول اللّه كان إذا قرأ هذه الآية: «وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ»[4]، و أنى على «يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ»[5]، قال (صلّى اللّه عليه و آله): رحم اللّه زكريا، ما كان عليه من ورثته.