قال الشيخ جواد الكربلائي في شرح قوله (عليه السلام): «و ورثة الأنبياء»، و قوله: «و ميراث النبوة عندكم» في الزيارة الجامعة:
... للإشارة إلى أن الأنبياء كما يورّثون العلم و المعارف فكذلك يورّثون الأموال، دفعا لما يتوهّمه بعضهم أن الأنبياء لا يورّثون المال أبدا. و ذكر له رواية أيضا و علّل بأنهم- أي الأنبياء- كالآباء للأمة، فما لهم لهم لكلهم- أي للناس- لئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا.
قال في المجمع: و قد ردّ أصحابنا هذا الحديث و أنكروا صحته و هو الحق، لمخالفته القرآن الكريم و ما خالفا فهو زخرف مردود باطل لا يعتدّ به.
نعم روي عن الصادق (عليه السلام): إن العلماء ورثة الأنبياء، و ذلك أن الأنبياء لم يورّثوا درهما و لا دينارا و إنما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم. فمن أخذ منها أخذ بحظّ وافر، و هو- بعد تسليم صحته- ليس فيه دلالة على عدم التوريث المطلق كما هو ظاهر، انتهى.
أقول: و ذلك لأن الحديث ظاهر في أن الأنبياء ليس من شأنهم الاعتناء بجمع أموال و توريثها من حيث شأن النبوة، بل المال الذي يأخذونه من حيث منصب النبوة و الولاية فإنما هو الحقوق الإلهية التي صرفها فيما عيّنه اللّه تعالى. فشأنهم بيان المعارف و العلوم و هذه مما يورّثوا بها لمن بعدهم من أوصيائهم أو العلماء، و لا يورّثون للناس من حيث نبوتهم.
نعم، و هذا لا ينافي تملّكهم الأموال التي كانت بأيديهم على نحو ما تكون الأموال بأيدي الناس من متملّكاتهم بالحيازة و البيع و الشراء و الإرث من الآباء و غيرهم.
فالأنبياء من هذه الجهة كغيرهم، يجري عليهم أحكام الدين و أحكام الإرث، إلا أن هذه الجهة ليست ملحوظة لهم و لا لغيرهم من أمتهم كما لا يخفى.