أ ما ينظر أهل العقول الصحيحة من المسلمين أن محمدا (صلّى اللّه عليه و آله) كان أفضل الخلائق عندهم و نبوته أهمّ النبوات و مبايعته أوجب المبايعات، و مع هذا فإنه بعث إلى قوم يعبدون الأصنام و الأحجار و غيرهم من أصناف الملحدين و الكفار، و ما سمعناه إنه استحلّ، لا استجاز و لا رضي أن يأمر بإحراق من تأخّر عن نبوته و بيعته.
فكيف بلغت العداوة لأهل بيته (عليهم السلام) و الحسد لهم و الإهمال لوصيته بهم إلى أن يواجهوا و يتهدّدوا أن يحرقوا بالنار؟ و قد شهدت العقول أن بيعته كانت على هذه الصفات، و إن إكراه الناس عليها بخلاف الشرائع و النبوات و العادات.
ثم يذكر رواية ابن مسعود، قال: كنا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فمررنا بقرية نمل فأحرقت، فقال النبي (صلّى اللّه عليه و آله): لا ينبغي لبشر أن يعذّب بعذاب اللّه تعالى.
قال عبد المحمود: و كيف كان أهل بيت النبوة (عليهم السلام) أهون من النمل، و كيف ذكروا: أنهم يعذّبونهم بعذاب اللّه تعالى من الحريق بالنار؟! و اللّه إن هذه الأمور من أعظم عجائب الدهور.
و قال: ... فأما علي (عليه السلام)، فقد عرفت ما جرى عليه من الدفع عن خلافته و منزلته، و ما بلغوا إليه من القصد لإحراقه بالنار و كسر حرمته.
و قال السيد ابن طاوس أيضا: أقول: و ما كفاه ذلك حتى بعث عمر إلى باب أبيك علي (عليه السلام) و أمك فاطمة (عليها السلام) و عندهما العباس و جماعة من بني هاشم، و هم مشغولون بموت جدك محمد (صلّى اللّه عليه و آله) و المأتم. فأمر أن يحرقوا بالنار إن لم يخرجوا للبيعة، على ما ذكره صاحب كتاب العقد في الجزء الرابع منه و جماعة، ثم ذكر كلمات هؤلاء.
و قال أيضا: وقوع إحراق بيت الزهراء (عليها السلام) ورد في الروايات، و تؤيّده القرائن الصادقة الموجودة في كتب أهل السنة.