أما و اللّه لقد تقمّصها ابن أبي قحافة، و إنه ليعلم إن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل و لا يرقى إلى الطير. فسدلت دونها ثوبا و طويت عنها كشحا، و طفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء. فرأيت إن الصبر على هاتا أحجى؛ فصبرت و في العين قذى و في الحلق شجى، أرى تراثي نهبا ....
من كل ما تقدم، نستفيد إن هذا الحكم الشرعي، و هو إقدام السلطة على حرق باب دار الذي يمتنع عن حضور صلاة الجمعة و الجماعة من دون عذر، أقول:
إن هذا الحكم الشرعي لا ينطبق على بيت علي (عليه السلام)، لأن عليا (عليه السلام) هو الإمام الذي وجبت علينا طاعته، و هو حجة اللّه في الأرض، و هو نور اللّه في ظلمات الأرض، و إن الصلاة لا تقبل إلا بمحبته و مودته، و هو قسيم الجنة و النار؛ إذا فتطبيق هذه القضية على بيت علي (عليه السلام) تطبيق أهوج و أرعن، ليس له قرار و لا قاعدة.
و على ذكر هذا القانون، أنقله لكم من كتاب العروة الوثقى للسيد اليزدي، حيث جاء في الكتاب المذكور، و هو كتاب فقهي ذو قيمة و مكانة لا يستهان بهما الجامعات العلمية في العالم الإسلامي.
جاء في الكتاب إنه لا يجوز تركها- أي صلاة الجماعة- رغبة عنها أو استخفافا بها، ففي الخبر: «لا صلاة لمن لا يصلّي في المسجد إلا من علة و لا غيبة لمن صلى في بيته و رغب عن جماعتنا، و من رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته و سقطت بينهم عدالته و وجب هجرانه، و إذا دفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذّره، فإن حضر جماعة المسلمين و إلا أحرق عليه بيته».
كما أنه يوجد خبر يشير إلى أن الإمام عليا أمير المؤمنين (عليه السلام) كان قد هدّد جماعة راغبين عن صلاة الجماعة، هدّدهم بإشعال النار في بيوتهم.
و من هنا يظهر إن القوم إنما أقدموا على حرق الباب، باب الزهراء (عليها السلام) لهذا الغرض، و إلا فلما ذا يحرقونه، فهم في إمكانهم أن يضربوه بأرجلهم و يدخلوا الدار، فلما ذا يحرقون الدار؟
الجواب: إنما أحرقوها وفقا للحكم الشرعي، أي إنهم أشعلوا النار وراء غطاء كثيف